(أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) ، فهم يسمعون الكلام ويردّون الجواب ، ويكفي أن يقول فيها مثلا : «السلام عليك يا رسول الله» غير أنّ الأولى أن يقرأ فيها المأثور الوارد من الزيارات عن آل البيت ، لما فيها ـ كما ذكرنا ـ من المقاصد العالية والفوائد الدينيّة ، مع بلاغتها وفصاحتها ، ومع ما فيها من الأدعية العالية التي يتجه بها الإنسان إلى الله تعالى وحده.
* * *
إن زيارة القبور ، سيما قبور الأنبياء والأولياء والصالحين مما جرت عليه سيرة المتشرعة بل جرت عليه السيرة العقلائية من كل دين حيث تراهم يزورون قبور عظمائهم ويضعون أكاليل الزهور والورود عليها احتراما وتقديرا لأصحابها.
والبحث في هذا الباب ضمن نقاط :
النقطة الأولى : فلسفة زيارة القبور :
إنّ القبور التي تحظى باهتمام واحترام المؤمنين بالله سبحانه في العالم ، وخاصة المسلمين منهم ، هي في الغالب قبور حملة الرسالات الإصلاحية حيث أدّوا مهماتهم الموكلة إليهم على أفضل وجه ، وهؤلاء ينقسمون إلى أقسام ثلاثة :
القسم الأول : الأنبياء والأولياء عليهمالسلام حيث حملوا رسالة السماء وضحّوا من أجلها بالنفس والمال والجاه ، وتحمّلوا شتّى أنواع العذاب والتنكيل من أجل هداية البشرية إلى السعادة الحقة.
القسم الثاني : العلماء والمفكّرون الذين هم تبع للأنبياء والأولياء ، ومنهم يستمدون أنوار الهداية ، ويخرجون الناس من ظلمات الجهل إلى نور الطاعة ، فهؤلاء كالشمعة تحرق نفسها لتضيء للآخرين دروبهم المظلمة ، وهم كالسراج يحرق زيته ليضيء البيوت التي عمّها الظلام ، فالعلماء الذين عاشوا حياة الزهد والحرمان والتقشف ، وقدّموا للعالم البحوث القيّمة والتحقيقات الرائعة في مجالات العلم والفكر والطبيعة ومفاهيم السماء ، حريّ للبشرية أن تقدّرهم وتكنّ لهم الاحترام في الحياة وبعد الممات.
القسم الثالث : المجاهدون الثائرون الذين ثاروا على الباطل بسيوفهم وقدّموا جماجمهم على صخرة الموت ليحيا بموتهم الناس ، لأنّ أية ثورة أو تغيير اجتماعي لا يقدّر له النجاح إلّا بدفع الثمن ، وإنّ ثمن الثورة التي تستهدف تدمير