هذا الحق ، وهذه المنزلة فاقدة للخصائص والشرائط التي كان يتحلّى بها الجاهلون بعبادتهم للأصنام.
ـ هذه أهم الأدلة عند الوهابيين على حرمة التشفع بالأولياء ، وقد عرفت بطلانها وسخافتها ، حيث إن ما استدل به هؤلاء على حرمة التشفع دونه خرط القتاد ، بل لا يصح أن نسميه دليلا لأنه مجرد تخرّص على الغيب وتحريف للكلم عن مواضعه (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) (يونس / ٦٠).
النقطة الرابعة : أدلة جواز التوسل :
عند ما يتوسّل المتوسلون لا يعني ذلك أنه سبحانه لا يسمع دعاءهم إلّا عبر واسطة ، وإنما فائدة الوسيلة والغاية منها هي أن قابلياتنا ناقصة ، فهي بحاجة إلى كامل يفيض عليها من الجود والكرم والعفو والمغفرة ، فالشفاعة أو الوسيلة هي عبارة عن جعل شيء بين الفيض والإيجاد والإنسان الكامل المتوسّل به هو محل الفيض الإلهي لسعة قابليته وشدة إحاطته ، فالنبي محمد وآله المعصومون المطهّرون الكاملون هم المخصوصون بالشفاعة الكبرى والمقام المحمود ، ومعنى الشفاعة على حدّ تعبير العلّامة المجلسي (قدسسره).
إنهم وسائط فيوض الله تعالى ، في هذه النشأة والنشأة الأخرى ، إذ هم القابلون للفيوضات الإلهية والرحمات القدسية ، وبفيضهم تفيض الرحمة على سائر الموجودات ، وهذه هي الحكمة في لزوم الصلاة عليهم ، والتوسّل بهم في كل حاجة لأنّه إذا صلّى عليهم لا يردّ لأنّ المبدأ فيّاض والمحل قابل وببركتهم تفيض على الداعي بل على جميع الخلق (١).
والخلاصة : إن التوسل فعل مشروع بنص الكتاب وأحاديث السنة وسيرة المسلمين.
فأمّا الكتاب :
١ ـ فقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة / ٣٦) خاطب الله سبحانه وتعالى
__________________
(١) في المصدر هكذا ، ولكن الأصح إضافة كلمة مقدّرة بعد كلمة «الداعي» فالمعنى هكذا : وببركتهم تفيض على الداعي الخيرات ...».