وكنت بنا برّا رءوفا نبينا |
|
ليبك عليك اليوم من كان باكيا (١) |
بعد هذا كله يأتي بعض المدّعين للعلم كابن تيمية والقصيمي ومحمد بن عبد الوهاب فينسفون كل الأدلة وسيرة المسلمين والعقلاء القائمة على التوسّل بالأنبياء والأئمةعليهمالسلام ، كل ذلك باسم الدين.
وقبل أن نختم الكلام عن الشفاعة ، لا بأس بالتطرق إلى عدة شبهات أثارها منكروها ، أو قد تطرأ على الفكر للوهلة الأولى.
ـ الشبهة الأولى :
ذكر العلّامة الجليل الشيخ السبحاني في الإلهيات بحث الشفاعة : أنّ الشفاعة لا تنال جماعة ، منهم :
١ ـ الغاشّ للمسلمين لما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من غشّ العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي (٢). والمراد من العرب ـ كما قال السبحاني ـ هم المسلمون لأن المسلمين يوم ذاك كانوا منحصرين في العرب.
٢ ـ المستخف بالصلاة ؛ لما روي عن الإمام الكاظم عليهالسلام قال : لما حضر أبي الوفاة قال لي : يا بنيّ ، إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة (٣).
فأخرج مورد هاتين الروايتين عن موضوع الشفاعة.
لكن يجاب عنه :
(١) لو سلّمنا بصحة هاتين الروايتين ، فلا تخرجان عن موضوع الشفاعة ـ كما قد يتصور البعض ـ من باب حمل المطلق على المقيّد ، لأن هذا الحمل إنما يصح فيما لو لم يتعارض مع المطلقات النقلية الأخرى والأدلة العقلية والأصول الاعتقادية ، فلا يمكن قياس الغاش للمسلمين والمستخف بصلاته بالزنديق الذي لا يشم رائحة الجنة عدا عن الشفاعة ، فالمستخف والغاشّ معتقد بالله وبما جاء به محمد بن عبد الله وأما الزنديق فبعكس الأول تماما ، فمساواتهما معا بدرجة
__________________
(١) ذخائر العقبى للطبري : ص ٢٥٢ ومجمع الزوائد : ج ٩ ص ٣٦.
(٢) مسند أحمد ج ١ / ٧٢.
(٣) الكافي ، ج ٣ / ٢٧٠ وج ٦ / ٤٠١ والتهذيب للطوسي ج ٩ / ١٠٧.