واحدة في النار خلاف العدل الإلهي.
فلا بد حينئذ من التصرف بظاهر النص حتى لا نقع في المحذور المتقدم ، فيكون المراد: أن المستخف بصلاته وكذا الغاشّ (الذي قد يكون مصليا محافظا على الصلاة) لا تنالهما الشفاعة إلا بعد مكث طويل في العذاب ، وكأن لسان الرواية هكذا : لا ينال شفاعتنا الكاملة والسريعة من استخف بالصلاة.
(٢) إن المستخف بالصلاة مرتكب كبيرة ، ومرتكب الكبيرة يشمله الحديث المتواتر «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» والمستخف والغاشّ مرتكبان للكبيرة فيشملهما الحديث المزبور ، فاستثناؤهما منه خلاف القرينية العقلية المتقدمة ، هذا مضافا إلى أنهما ليسا أسوأ حالا ممن ستنالهم الشفاعة من أصحاب الكبائر كقاتل النفس المحترمة والزاني بالمحارم واللواط وما شابه ذلك مما وردت الأدلة القطعية على حرمته وتشديد العقاب عليه في الدنيا والآخرة ، فقبول الشفاعة في حق هؤلاء دون المستخف والغاشّ يعتبر ترجيحا بلا مرجح.
وبالجملة : فالشفاعة شاملة لكل مرتكب ذنب من أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم عدا المشرك والناصب العداء لعترة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمكذّب بشفاعة النبي وآله الأطهار ، فالمشرك والناصب والمكذّب قد استثناهم الدليل لكونهم قطعوا الروابط الإيمانية مع الله تعالى ومع الشفيع بحيث يعدون أناسا مجرمين بحق أصحاب النعم ، وبعيدين عنهم ، فتشريع الشفاعة في حقهم يعد ترجيحا بلا مرجح وهو قبيح عقلا وشرعا.
ـ الشبهة الثانية :
إن الشفاعة تجرّ إلى تمادي العصاة الفسقة بالاستمرار على المعصية والعدوان ، لأنّ المجرم عند ما يسمع بأن الشفاعة ستدركه فإنّه سيستمر على عصيانه وعدوانه رجاء غفران ذنوبه بالشفاعة ؛ من هنا استشكل الطنطاوي في تفسيره (ج ١ ص ٦٩) : بأن «الشفاعة» بالمعنى الذي يفهمه العامة تقود الأمّة إلى الانتكاس على أمّ الرأس ، ويبقى الدين من أسباب التأخّر لا الرقيّ.
والجواب :
(١) إن كان مقصوده بالشفاعة التي يفهمها العوام هي الشفاعة المطلقة وبلا قيود أصلا فنحن معه نرفضها لأنها حينئذ تكون عامل هدم ؛ هذا مضافا إلى كونها