بين التصديق بها ، وبين أن ذلك الحدث هو منشأ مذهب الشيعة ، فإن التشيّع حدث ـ كما قلنا ـ في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واعتنقته أمّة مسلمة ورعة من الصحابة والتابعين ، وأما ما قام به ابن سبأ على فرض صحة وقوعه ، فإنه يعبّر عن موقف فردي ، وتصرّف شخصي خارج عن إطار المذهب ومن تبعه. فالواجب على أصحاب الضمائر الحرة عند علماء السنّة أن لا يقعوا في محذور إساءة الظن بإخوانهم الشيعة الذين تمسّكوا بالكتاب وسنّة النبي وعترته الطاهرة الذين أمر النبيّ المسلمين بالتمسّك بهما ، وأنّ من تخلّف عنهما غرق وهوى.
نظريات أخرى :
وهناك نظريات أخرى ترجع أصل التشيع إليها ، منها :
ـ النظرية الأولى : ترجع التشيّع إلى ما بعد وفاة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد ذكر العلّامة الشيخ جعفر السبحاني أنّ المؤرخ اليعقوبي ممّن تبنّوا هذه النظرية فقال : «وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار ومالوا مع علي بن أبي طالب منهم : العباس بن عبد المطلب ، والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام ، وخالد بن سعيد ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمّار بن ياسر ، والبراء بن عازب ، وأبيّ بن كعب» (١).
ولكن يرد عليه :
إنّ مجرد الميل إلى الإمام علي عليهالسلام ليس دليلا على أن مصدر التشيّع كان يوم السقيفة ، فلا توجد ملازمة بين الميل إلى مولانا علي عليهالسلام وبين مصدر التشييع.
ـ النظرية الثانية : ترجع أصل التشيّع إلى عهد عثمان بن عفان ، نتيجة أحداث وتناقضات أفرزتها سياسة الحكام المنحرفين ، ممّا هيّأ جوا ملائما لنشوء الفرق والأحزاب.
ومن مؤيدي هذا الاتجاه جماعة من المؤرخين منهم : ابن حزم وجماعة آخرون ذكرهم يحيى هاشم فرغل في كتابه (عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ، ج ١ ص ١٠٥).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ / ١٢٤.