الباب الرّابع والثّلاثون
عقيدتنا في الجور والظلم
قال المصنّف (قدّس الله سرّه) :
من أكبر ما يأخذه الأئمة عليهمالسلام على الإنسان من الذنوب : الظلم والعدوان على الغير ، وذلك اتباعا لما جاء في القرآن الكريم من استنكار الظلم ، مثل قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ).
وقد جاء في كلام أمير المؤمنين عليهالسلام ما يبلغ الغاية في تصوير الظلم ، كقوله في نهج البلاغة برقم ٢١٩ : «والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت» وهذا غاية ما يمكن أن يتصوره الإنسان في التعفف عن الظلم والحذر من الجور واستنكاره وإنّه لا يظلم «نملة» في قشرة شعيرة وإن أعطي الأقاليم السبعة. فكيف حال من يلغ في دماء المسلمين وينهب أموال الناس ويستهين في أعراضهم وكراماتهم؟ كيف يكون قياسه إلى فعل أمير المؤمنين؟ وكيف تكون منزلته من فقهه صلوات الله عليه؟ إنّ هذا هو الأدب الإلهيّ الرفيع الذي يتطلبه الدين من الشر.
نعم ، إنّ الظلم من أعظم ما حرّم الله تعالى ، فلذا أخذ من أحاديث آل البيت وأدعيتهم المقام الأوّل في ذمّه وتنفير أتباعهم عنه.
وهذه سياستهم عليهمالسلام ، وعليها سلوكهم حتى مع من يعتدي عليهم. وقصّة الإمام الحسن عليهمالسلام معروفة في حلمه عن الشامي الذي اجترأ عليه