الباب الخامس والثّلاثون
عقيدتنا في التعاون مع الظالمين
قال المصنّف (قدسسره) :
ومن خطر الظلم وسوء مغبته أن نهى الله تعالى عن معاونة الظالمين والركون إليهم (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) هذا هو أدب القرآن الكريم. وهو أدب آل البيت عليهمالسلام. وقد ورد عنهم ما يبلغ الغاية من التنفير عن الركون إلى الظالمين ، والاتصال بهم ومشاركتهم في أيّ عمل كان ومعاونتهم ، ولو بشقّ تمرة.
ولا شكّ أنّ أعظم ما مني به الإسلام والمسلمون هو التساهل مع أهل الجور ، والتغاضي عن مساوئهم ، والتعامل معهم ، فضلا عن ممالأتهم ومناصرتهم وإعانتهم على ظلمهم. وما جرّ الويلات على الأمة الإسلامية إلّا ذلك الانحراف عن جدد الصواب والحقّ ، حتى ضعف الدّين بمرور الأيام ، فتلاشت قوته. ووصل إلى ما هو عليه اليوم ، فعاد غريبا ، وأصبح المسلمون ـ أو ما يسمون أنفسهم بالمسلمين ـ وما لهم من دون الله أولياء ثمّ لا ينصرون حتى على أضعف أعدائهم وأرذل المجترئين عليهم ، كاليهود الأذلّاء ، فضلا عن الصليبيين الأقوياء.
لقد جاهد الأئمة عليهمالسلام في إبعاد من يتّصل بهم عن التعاون مع الظالمين ، وشددوا على أوليائهم في مسايرة أهل الظلم والجور وممالأتهم ، ولا يحصى ما ورد عنهم في هذا الباب. ومن ذلك ما كتبه الإمام زين العابدين عليهالسلام إلى محمد بن مسلم الزهري بعد أن حذّره من إعانة الظلمة