النار. قال صفوان : فذهبت وبعت جمالي عن آخرها.
فإذا كان نفس حبّ حياة الظالمين وبقائهم بهذه المنزلة ، فكيف بمن يستعينون به على الظلم أو يؤيدهم في الجور ، وكيف حال من يدخل في زمرتهم أو يعمل بأعمالهم أو يواكب قافلتهم أو يأتمر بأمرهم.
* * *
من الواضح عند الإمامية أنّ الظالم هو المرتكب للذنوب حتى الصغيرة منها سواء مع الإصرار عليها أم لا ، وفي هذا الباب لا بدّ أن يعرف القارئ هل المقصود من حرمة معاونة الظالمين يشمل من ارتكب الذنوب صغيرة أو كبيرة أو أن مفهوم الظالم أوسع من ذلك؟ بمعنى أنه هل يحرّم التعاون مع الفاسق المرتكب للذنوب الكبيرة والصغيرة معا أو أنّ حرمة التعاون مقتصرة على من ظلم غيره عبر سلطة معيّنة؟
الظاهر هو الثاني أي يحرّم معونة الظالمين المتحكّمين على رقاب الناس حيث يتعدى ظلمهم إلى الآخرين وإلّا لو كان التعاون مع الفسّاق حراما لاختلّ النظام وتعطّلت الأرزاق ولأدّى إلى الحرج الشديد المرفوع عن أمة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فحرمة التعامل مع الظالمين المتحكّمين عبر أجهزة السلطة أو من يملك القوة والمقدرة ثابتة بالأدلة الأربعة :
الكتاب والسنة والإجماع والعقل.
أما الكتاب : فقوله تعالى : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) (المائدة / ٣).
ولا شك أنّ الإثم والعدوان هما عين الظلم ؛ فإذا تعاون الفرد مع الظالم في ظلمه فقد صار ظالما وقد نهى سبحانه مهددا الظالمين للناس بقوله تعالى : (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) (الفرقان / ٢٠).
وقوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (الشعراء / ٢٢٨).
أمّا الاجماع : فمما لا ريب فيه حيث أطبقت الشيعة الإمامية خلفا عن سلف على حرمة معاونة الظالمين المستبدّين بأموال وأعراض الآخرين.
وأمّا العقل : فحكمه واضح لا لبس فيه ولا تضليل ، إذ إن حرمة الظلم بديهية لا تحتاج إلى تأمل ودقة.