حرّ إن ظلمت أحدا ، أو جرت على أحد إن لم أعدل ؛ قال : كيف قلت؟
قلت : فأعدت عليه الإيمان فرفع رأسه إلى السماء فقال : تناول السماء أيسر عليك من ذلك (١).
فذيل الرواية دلالة واضحة على حرمة الدخول في ولاية الجائرين حيث عدّ الإمامعليهالسلام الصعود إلى السماء أيسر عليه من الدخول في ولاية الظالم. ولكن يظهر من تحريم الإمامعليهالسلام على السائل الدخول في ولايتهم مبنيّ على عدم استقامة السائل المذكور لو دخل معهم ، ومما يؤكد ذلك ما ورد في الروايات الصحيحة من جواز الدخول معهم لخدمة المؤمنين وقضاء حوائجهم فيكون الدخول معهم مستثنى عن الأصل الأولى الدالّ على الحرمة.
والجوس في أخبارهم عليهمالسلام يتمخّض عنه بعض المسوّغات للدخول في ولاية الجائر ، هي في موردين :
المورد الأول : القيام بمصالح العباد :
فلو قلنا بحرمة الولاية نفسيا أو من باب المقدمة ، فإنه يجوز ارتكابها لأجل المصالح ودفع المفاسد التي هي أهم من مفسدة انسلاك الشخص في أعوان الظلمة بحسب الظاهر ، ويدل عليه الأخبار المتعددة منها :
١ ـ ما روي في النبوي الذي رواه الصدوق في حديث المناهي ، قال :
من تولّى عرّافة (٢) قوم أتى به يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه ، فإن قام فيهم بأمر الله تعالى أطلقه الله ، وإن كان ظالما يهوى به في نار جهنم وبئس المصير (٣).
٢ ـ وما عن عقاب الأعمال عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«... ومن تولّى عرافة قوم ولم يحسن فيهم ، حبس على شفير جهنم بكل
__________________
(١) الوسائل : ج ١٢ ص ١٣٦ ح ٤.
(٢) عرّاف مصدر عرف يعرف على وزان قتل يقتل معناه القيام بسياسة قوم وتدبير أمورهم ، فويل للساسة المكذّبين والذين يقودون الزوار والحجيج إلى بيت الله والمراقد المقدّسة (الحملدارية) إن لم يحسنوا ملاطفة الزائر ولم يعطوه حقه أن تصيبهم فتنة أو عذاب أليم.
(٣) الوسائل : ج ١٢ ص ١٣٦ ح ٦.