كثّروا السّواد على مولى الأحرار الحسين بن علي عليهالسلام في صحراء كربلاء ، لأن الدعاء لهؤلاء نوع من الرضى عنهم وعن تصرّفاتهم ولو بحسب الظاهر بنظر المسلمين ، فيكون تغريرا بالقبيح وهو قبيح.
من هنا لم يتقدّم أمير المؤمنين عليهالسلام خطوة واحدة نحو الفتوحات التي طالما تشدّق بها العامة وجعلوها من الأدلة على إمامة أبي بكر وعمر بن الخطاب ، مع أنها لم تجرّ إلى الإسلام سوى العار والشّنار!! والحكمة من عدم مشاركة أمير المؤمنين عليهالسلام في الفتوحات في عهود المغتصبين الثلاثة يرجع إلى أمرين :
الأول : حرمة دعم هؤلاء لكونهم مالوا عن الحق واعتدوا على الحرمات ، لأن في دعمهم تضعيف عقائد المؤمنين وتوهين شريعة سيّد المرسلين ، والإغراء بالقبيح ، هذا مضافا إلى أنهم لم يطلبوا بهذه الفتوحات وجه الله والقرب منه بل كلّ همّهم الحصول على النفائس وصوافي الغنائم والاختصاص بالحسناوات من النساء بعنوان سبايا وجواري ... وعلى كلّ حال فإن الحرب من أجل بسط نفوذهم وتقوية أمرهم ، فصاروا يجمعون الأنصار بالمال وبالإغراء بالمناصب وبغير ذلك من سياسات ، ليس الترهيب والقمع في كثير من الأحيان إلّا واحدا منها ، فالحرب من أجل الغنائم والأموال كانت هي الصفة المميزة لأكثر تلك الفتوحات ، ويشهد لهذا ما فعلوه بأمير المؤمنين عليهالسلام ورسول الله مسجّى على الفراش ، ثم انتهاكهم لحرمة ابنته الزهراء ومنعها من الخمس واغتصابهم لفدك وغير ذلك لأكبر شاهد على ما قلنا ، هذا مضافا إلى أن ظاهرة الطمع في الأموال والنفائس كانت سائدة بين بعض المسلمين على عهد رسول الله ممّا سبّب انكسار المسلمين في معركة أحد ، وبقيت هذه الظاهرة إلى ما بعد وفاة النبي ، بل لا نبالغ إذا ما قلنا أنها إزدادت عمّا كانت عليه في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثاني : إنّ ضعف الإيمان في نفوس المسلمين وعدم معرفتهم بأكثر أحكام دينهم استدعى عدم مشاركته عليهالسلام في تلك الفتوحات ، هذا علاوة على أنّه لم يأمر أحدا من أصحابه بالمشاركة فيها ، لأنّ مهمته عليهالسلام وأصحابه معه هي تثقيف الناس بعقائدهم وتثبيت الإيمان في نفوسهم ونشر فكر الإسلام الصحيح للأمّة ، وللمتصدّين لإدارة شئونها على حد سواء وقد نوّه بذلك عليهالسلام في خطبة له فقال : «أيها الناس ، خذوها عن خاتم النبيين صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه يموت من مات منّا وليس بميّت ... ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر ، قد