رغباته الكثيرة وأنانيته ـ فعليه أن يكوّن في نفسه عقيدة في العدل والإحسان اتّباعا للإرشادات الإسلامية ، فإذا عجز عن ذلك فلا يستحقّ أن يكون مسلما إلّا بالاسم وخرج عن ولاية الله ، ولم يكن لله فيه نصيب على حدّ التعبير الآتي للإمام. والإنسان على الأكثر تطغى عليه شهواته العامة فيكون من أشقّ ما يعانيه أن يهيئ نفسه لقبول عقيدة العدل ، فضلا عن أن يحصل عليها عقيدة كاملة تفوق بقوتها على شهواته.
فلذلك كان القيام بحقوق الأخوة من أشقّ تعاليم الدين إذا لم يكن عند الإنسان ذلك الشعور الصادق بالأخوّة. ومن أجل هذا أشفق الإمام أبو عبد الله الصادق عليهالسلام أن يوضح لسائله أكثر مما ينبغي أن يوضح له خشية أن يتعلّم ما لا يستطيع أن يعمل به. قال المعلّى (١) :
قلت له : ما حقّ المسلم عل المسلم؟
قال أبو عبد الله عليهالسلام : له سبع حقوق وواجبات ... ما منهنّ حقّ إلّا وهو عليه واجب ، إن ضيّع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ، ولم يكن لله فيه نصيب.
قلت له : جعلت فداك! وما هي؟
قال : يا معلّى ، إني عليك شفيق ، أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل.
قلت : لا قوة إلّا بالله.
وحينئذ ذكر الإمام الحقوق السبعة بعد أن قال عن الأول منها : «أيسر حقّ منها ، أن تحب له كما تحبّ لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك».
يا سبحان الله! هذا هو الحقّ اليسير! فكيف نجد ـ نحن المسلمين اليوم ـ يسر هذا الحقّ علينا؟ شاهت وجوه تدّعي الإسلام ولا تعمل بأيسر ما يفرضه من حقوق. والأعجب أن يلصق بالإسلام هذا التأخّر الذي أصاب المسلمين ، وما الذنب إلّا ذنب من يسمّون أنفسهم بالمسلمين ، ولا يعملون
__________________
(١) راجع الوسائل ، كتاب الحج ، أبواب أحكام العشرة ، الباب ١٢٢ الحديث ٧.