الباب الأربعون
عقيدتنا في المعاد الجسماني
قال المصنّف (قدسسره):
وبعد هذا ، فالمعاد الجسماني بالخصوص ضرورة من ضرورات الدين الإسلامي ، دلّ صريح القرآن الكريم عليها (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٤) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٥)) [القيامة / ٤ ـ ٥] (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (الرعد / ٦) (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦)) (ق / ١٦).
وما المعاد الجسماني على إجماله إلّا إعادة الإنسان في يوم البعث والنشور ببدنه بعد الخراب ، وإرجاعه إلى هيئته الأولى بعد أن يصبح رميما. ولا يجب الاعتقاد في تفصيلات المعاد الجسماني أكثر من هذه العقيدة على بساطتها التي نادى بها القرآن وأكثر ممّا يتبعها من الحساب والصراط والميزان والجنّة والنّار والثّواب والعقاب بمقدار ما جاءت به التفصيلات القرآنية.
(ولا تجب المعرفة على التحقيق التي لا يصلها إلّا صاحب النظر الدقيق ، كالعلم بأنّ الأبدان هل تعود بذواتها؟ أو إنّما يعود ما يماثلها بهيئات؟ وأنّ الأرواح هل تعدم كالأجساد أو تبقى مستمرة حتى تتصل بالأبدان عند المعاد؟ وانّ المعاد هل يختصّ بالإنسان أو يجري على كافّة ضروب الحيوان؟ وأنّ عودها بحكم الله دفعي أو تدريجي.
وإذا لزم الاعتقاد بالجنّة والنار لا تلزم معرفة وجودهما الآن ولا العلم بأنهما في السماء أو الأرض أو يختلفان. وكذا إذا وجبت معرفة الميزان لا