وفضلا عن هذا فإن القرآن الكريم يعرّف الروح بصورتها المطلقة غير المادية بقوله تعالى:
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (الإسراء / ٨٦).
فإذا كان الإنسان مركّبا من روح وجسد ، فإنه بالموت تنحل الروح عن الجسد فيموت ، فحقيقة الموت ليست إلّا انعدام وفناء للجسد المادي وإلّا فإن الروح التي كانت مرتبطة بالبدن ، انقطعت عنه وانتقلت إلى بدن مثالي مشابه له في الحياة البرزخية ، وهناك أخبار كثيرة تشير إلى أن الأرواح في عالم البرزخ يعيشون في قوالب مثالية كأبدانهم الدنيوية كما نصّ عليه خبر أبي ولّاد عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : قلت له :
جعلت فداك يروون أنّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش؟ فقال : لا ؛ المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير لكن في أبدان كأبدانهم (١).
وفي خبر آخر عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
«... فإذا قبضه الله عزوجل صيّر تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا ، فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا» (٢).
وورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال :
«أيها الناس إنّا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ولكنكم من دار تنقلون ، فتزوّدوا لما أنتم صائرون إليه ، وخالدون فيه والسلام» (٣).
فالموت وسيلة انتقال للإنسان وارتقائه وتخليصه عن الأوساخ والكدورات ، وسبب نجاته عن سجن الدنيا وموجب لاستراحة المؤمن من الكفار والأشرار قال الإمام الجواد عليهالسلام: إنّ الإمام علي بن الحسين عليهالسلام سئل عن الموت؟ فقال : «للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة ، وفكّ قيود وأغلال ثقيلة ، والاستبدال
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٦ ص ٢٦٨ ح ١١٩.
(٢) بحار الأنوار : ج ٦ ص ٢٧٠ ح ١٢٤.
(٣) بحار الأنوار : ج ٧٣ ص ٩٦.