وقد اختلفت كلمات الفلاسفة في كيفية الجسد المعاد هل أنّ المعاد من جانب البدن هو هذا البدن بعينه أو مثله ، وكل من العينية أو المثلية أيكون باعتبار كل واحد من الأعضاء والأشكال والتخاطيط أم لا؟
والظاهر أنّ هذا الأخير لم يوجبه أحد ، بل كثير من الإسلاميين مالوا إلى الاعتقاد بأنّ البدن المعاد غير البدن الأول بحسب الخلقة والشكل ، وربّما يستدلّ عليه ببعض الأخبار المذكورة فيها صفات أهل الجنة والنار ككون أهل الجنّة جردا مردا ، وكون ضرس الكافر مثل جبل أحد ، وبقوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) وبقوله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) (١).
إذن القرآن الكريم والسّنة المباركة يدلّان على أن المعاد يوم الفصل هو الإنسان بروحه وبدنه ، ومنكر ذلك خارج عن عداد المسلمين ، ويمكن تصنيف الآيات الواردة حول المعاد ليظهر بوضوح فكرة عود الأرواح إلى أبدانها :
أهمها :
الصنف الأول :
ما دلّ على أنّ الحشر عبارة عن الخروج من الأجداث والقبور كقوله تعالى :
١ ـ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) (يس / ٥٢).
٢ ـ (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) (القمر / ٨).
ومن الواضح أنّ التشبيه بالجراد المنتشر إنما يكون على الأرواح المتلبسة بالأبدان.
٣ ـ (وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (الحج / ٨).
٤ ـ (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) (الانفطار / ٥).
الصنف الثاني :
ما دلّ على أنّ الإنسان خلق من الأرض وإليها يعود ومنها يخرج بجميع أجزاء بدنه.
__________________
(١) الأسفار : ج ٩ ص ١٦٦.