وبعضه في أبدان الرّباع (١) كيف يجمع؟
وأبعد من هذا هو أن إنسانا إذا أكل إنسانا وصار أجزاء المأكول في أجزاء الآكل ، فإن أعيد ، فأجزاء المأكول إما أن تعاد إلى بدن الآكل فلا يبقى للمأكول أجزاء تخلق منها أعضاؤه ، وإما أن تعاد إلى بدن المأكول منه فلا يبقى للآكل أجزاء.
والجواب :
إنّ في الآكل أجزاء أصلية وأجزاء فضلية ، وفي المأكول كذلك ، فإذا أكل إنسان إنسانا صار الأصلي من أجزاء المأكول فضليا من أجزاء الآكل ، والأجزاء الأصلية للآكل هي ما كان له قبل الأكل ، والله يعلم الأصلي من الفضلي فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل وينفخ فيها من روحه ، ويجمع الأجزاء الأصلية للمأكول وينفخ فيها روحه ، وكذلك يجمع الأجزاء المتفرقة في البقاع المبددة في الأصقاع بحكمته الشاملة وقدرته الكاملة (٢).
وبعبارة مختصرة أفضل :
إنّ للإنسان أجزاء أصلية وأخرى عرضية ؛ والتي تستحيل إلى بدن آخر هي الأجزاء العرضية ، وأما الأصلية فلا تصير جزءا من غيرها ، بل تبقى على حقيقتها من أول العمر إلى يوم النشور.
الشبهة الثانية :
إنّ انتقال النفس بعد الموت إلى بدن آخر مثالي في عالم البرزخ ، يعدّ نوعا من التناسخ (٣) الذي ثبت بطلانه بالأدلة ، فيثبت بطريق أولى بطلان المعاد الجسماني.
والجواب :
إن بطلان التناسخ وإن كان ثابتا بحكم الأدلة القطعية ، لكنّ هذا الانتقال لا
__________________
(١) الرّباع : جمع ربع وهو ما ولد من الإبل في الربيع.
(٢) تفسير الرازي : ج ٢٦ ص ١٠٩.
(٣) لا يخفى أن التناسخ عبارة عن خروج الروح من جسد وانتقالها إلى جسد آخر ـ كما يزعمون ـ.