وممّا يؤكّد ذلك ما ورد في كتاب (رسائل الحكمة) (١) لحمزة بن علي بن أحمد إسماعيل بن محمد التميمي السّموقي حيث صرّح بأهمية التجسّد الإلهي عبر الأدوار ، وعلى ضرورة التقمّص وانتقال الأرواح من جسد إلى جسد ، فقال : «والنفوس النفيسة للطافتها تتعالى عن الرذائل بمعالم الحكمة والارتياض وتترقّى إلى أعلى المنازل أنفة من الانسفال والانخفاض ، كلفة بالأمور الدينية منزّهة عن اللدد والاعتراض ، والنفوس الكدرة العاصية لعلقها بالأبالسة المدّعين معكوسة في الحلول والانتقال مائلة إلى الطّرفين المذمومين بعيدة عن التوسّط والاعتدال ...» (٢).
النقطة الثانية :
للتناسخ حالات وانتقالات عدة كل حالة يصطلح عليها باسم خاص عندهم ، هي كما يلي :
١ ـ النسخ : هو انتقال النفس بالموت من البدن الأول المادي إلى بدن آخر مادي في هذه النشأة.
٢ ـ المسخ : هو الرجوع إلى بدن حيواني ، فإن كان محسنا فإلى حيوان سعيد ، وإن كان مسيئا فإلى حيوان شقي.
٣ ـ الفسخ : هو الانتقال إلى شجر ونبات.
٤ ـ الرسخ : هو الانتقال إلى حجر وجماد.
تلك أقسام التناسخ في مدارج النزول ، وهناك أقسام أخرى في مدارج الصعود ، مفادها :
أن النفس في بدء وجودها إنما توجد في صورة أحسن النباتات ثم تتدرج بالصعود إلى أرقى الدرجات لتصل إلى درجة الحيوان الذي هو أشرف من النبات ، ثم تتدرج لتصل إلى النوع الإنساني وبعده تتصل بأجرام فلكية ، غاية استكمالها النهائي ، فتصبح في عالم المجردات متحدة مع العقول ، هذا في
__________________
(١) هذا الكتاب من الكتب التشريعية عند الدروز.
(٢) لاحظ الجزء الثاني من الرسائل ص ٤٨٧.