وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) (المائدة / ٦١). وكذلك ما أثر عن بعض الأولياء (١) ، حيث حوّلوا أناسا أشرارا إلى صور حيوانات خسيسة وقد اعترف بها المؤمنون ، فبذا يكون المسخ نوعا من التناسخ بحسب نظر التناسخيين.
والجواب :
أن ما ورد في القرآن الكريم وكذا ما ورد في الآثار ، لا يدخل تحت التناسخ المبحوث عنه ، لأن معنى التناسخ هو أن انتقال الروح من بدن إلى بدن غير الأبدان المثالية في عالم البرزخ ، أما المسخ فهو عبارة عن تغيير صورة البدن مع بقاء الروح فيه ومن دون أن تدخله روح أخرى.
وبعبارة : أن التناسخ هو خلع النفس جسدا عنصرا ثم تلبّسها جسدا آخر غير ما تركته سابقا ، وأما المسخ الوارد في الشريعة فهو تبدل صورة البدن من شكل إلى شكل ، والجسد هو الجسد ، وإنما المتغير هو شكله وهيكله ، فليس هناك انتقال بالنفس ولا تحول من جسد إلى جسد.
«فالخلع والتلبس في التناسخ يختلفان عمّا هو عليه في المسخ ، فإنهما في الأول انقطاع بالمرة ثم تعلق من جديد ، وأما الثاني فهو تبدل في أجزاء الجسم الحي بالاتلاف والتعويض المستمرين طيلة الحياة بما يؤدي إلى تجديد الجسم كليا في كل سبع سنين على رأي فلورنس ، وفي كل ثلاثين يوما على رأي موليشوت ، وليس هذا من التناسخ المبحوث عنه في شيء» (٢).
النقطة الثالثة :
أدلة التناسخيين.
وليس للتناسخية دليل يعتد به ، وغاية ما تمسكوا به في إثبات التناسخ على الإطلاق [أي انتقال النفس بعد المفارقة إلى جسم آخر إنساني أو غيره] وجوه :
__________________
(١) نقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام أن رجلا قال له وقد حكم عليه بحكم : والله ما حكمت بالحق! فقال له عليهالسلام: إخسأ كلبا ، فتطايرت عنه أثوابه وصار كلبا يمصع ـ أي يحرك ـ بذنبه. لاحظ البحار ج ٥٨ / ١١١ ط. الوفاء.
(٢) تناسخ الأرواح ط قم ص ١١ محمد هادي معرفة. وللسيد المرتضى علم الهدى كلام لطيف فلاحظ البحار ج ٥٨ / ١١٢.