به عن الأصحاب كافّة ، مضافا إلى أنه ينسف كل الأدلة الدالّة على إمامة أمير المؤمنينعليهالسلام التي من أبرز مصاديقها نصّ الغدير من حيث جلائه ووضوحه.
وسوف تأتي الأدلّة على ثبوت إمامة علي بن أبى طالب عليهالسلام.
الطريق الثاني : «الاختيار» :
في مقابل طريق النص الذي رجع إليه الشيعة الإمامية ، ذهب السنّة إلى طريق ومرجع آخر لتعيين الإمام هو مرجعية الأمة أي أن تعيين الإمام راجع إلى الأمة الإسلامية ، وهذا واضح وفقا لما يسيرون عليه في تعريفهم للإمامة أنها رئاسة دينية كما مرّ سابقا ، فهم ينظرون إليها نظرة الرئيس المحتاج إلى المرءوس ، والحاكم إلى المحكوم ، ليكون رئيسا أو حاكما وهي بهذا الاعتبار من فروع الدين ، فيجب على أفراد الأمة أن يعيّنوا منهم إماما حاكما عليهم وإلّا أثموا جميعا.
وقد اختلف العامة فيما بينهم في تحديد ماهية الأمة التي يراد لها أن تنتخب الإمام ، هل المراد منها كل أفراد الأمّة ، أو جماعة معينون يصطلح عليهم بأهل المشورة أو أهل الحل والعقد؟
الأول باطل بالوجدان عندهم لأنه لم يعهد أنّ خليفة من الخلفاء كان قد انتخبه المسلمون جميعا في كل أقطار البلاد الإسلامية ، لذا عدّلوا به إلى أن المراد من أفراد الأمة الذين يجب عليهم أن ينتخبوا هم أفراد معينون في كل بلد من بلدان المسلمين ، وهذا أيضا باطل عندهم أيضا لأنه تكليف بما لا يطاق ، وما ليس من الوسع ، والرأي الثابت لديهم هو «أن المراد بأهل الحل والعقد هم جماعة معدودون يتواجدون في بلد الإمام» (١).
قال الماوردي : ليس لمن كان في بلد الإمام على غيره من أهل البلاد فضل مزية تقدم بها عليه ، وإنما صار من يحضر ببلد الإمام متوليا لعقد الإمامة عرفا لا شرعا لسبق علمهم بموته ، ولأن من يصلح للخلافة في الأغلب موجودون في بلده» (٢).
وقد اختلفوا في عدد أهل الحل والعقد إلى آراء :
__________________
(١) الأحكام السلطانية : ص ٧.
(٢) الأحكام السلطانية.