بكر : أن أقبل فبايع ، فقد بايع الناس ، وبايع قومك ، فقال : أما والله حتى أرميكم بكلّ سهم في كنانتي من نبل وأخضب منكم سناني ورمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي لا والله لو أنّ الجنّ اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي ، وأعلم حسابي. فلما أتي بذلك أبو بكر من قوله ، قال عمر : لا تدعه حتى يبايعك ، فقال لهم بشير بن سعد : إنه قد أبى ولجّ ، وليس يبايعك حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل ولده معه ، وأهل بيته وعشيرته ، ولن تقتلوهم حتى تقتل الخزرج ، ولن تقتل الخزرج حتى تقتل الأوس ، فلا تفسدوا على أنفسكم أمرا قد استقام لكم ، فاتركوه فليس تركه بضاركم ، وإنما هو رجل واحد ، فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد ، واستنصحوه لما بدا لهم منه. فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ، ولا يجمع بجمعتهم ، ولا يفيض بإفاضتهم ، ولو يجد عليهم أعوانا لصال بهم ، ولو بايعه أحد على قتالهم لقاتلهم ، فلم يزل كذلك حتى توفي أبو بكر ، وولي عمر بن الخطاب ، فخرج إلى الشام ، فمات بها ، ولم يبايع لأحد رحمهالله».
وفي باب إباية علي كرّم الله وجهه وعليهالسلام بيعة أبي بكر ذكر ابن قتيبة الدينوري : أنّ عليّا عليهالسلام أتى به إلى أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله ، فقيل له : بايع أبا بكر، فقال : أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتأخذونه منّا أهل البيت غصبا؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار : نحن أولى برسول الله حيا وميتا فأنصفونا إن كنتم تؤمنون وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال له عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع ، فقال له عليّ : أحلب حلبا لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا. ثم قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه ، فقال له أبو بكر : فإن لم تبايع فلا أكرهك ، فقال أبو عبيدة بن الجراح لعليّ عليهالسلام : يا ابن عمّ إنك حديث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ، ومعرفتهم بالأمور ، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك ، وأشد احتمالا واضطلاعا به ، فسلم لأبي بكر هذا الأمر ، فإنك إن تعش ويطل بك بقاء ، فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق ، في فضلك ودينك ، وعلمك وفهمك ، وسابقتك