إلّا عن وحي ، ولا يحكم إلّا بوحي ، هيهات هيهات أن يكون من النبي الحكيم مثل هذا التشريع ، وكيف يخفى عليه ضرره ، ولا يخفى على عائشة يوم قالت لعمر بن الخطاب : «لا تدع أمّة محمد بلا راع ، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا فإني أخشى عليهم الفتنة».
خامسا : أيصدر أي تصريح من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يفيد الرجوع إلى أهل الحل والعقد في تعيين الإمام من بعده مع علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه لو لم يوكل الأمر إلى أهل الحل والعقد لأدّى إلى نزاع وخلاف بين المسلمين ، فمن هنا يعلم أن الرجوع الى أهل المشورة ليس من الدّين ، ولم يشرّعه الله على لسان نبيه ، فعلى هذا فما قيمة الإجماع المدّعى في مقابل عدم تصريح النبي بذلك؟
تساؤل :
قد يقال : إنّ المراد بأهل الحل والعقد ، إجماع أهل الصدر الأول وإنه وإن لم يتحقق على خلافة أبي بكر يوم السقيفة لكنه بعد ذلك إلى ستة أشهر قد تحقق اتفاق الكل على خلافته ، ورضوا بإمامته فتمّ الإجماع حينئذ (١).
والجواب :
١ ـ إنّ الإجماع غير متحقق بعدم بيعة مولى الثقلين علي بن أبي طالب عليهالسلام وأصحابه حتى بعد ستة أشهر ، ولو سلّم أنه صفق على يده كما يفعله أهل البيعة ، فلا ريب في أنّ سعد بن عبّادة وأولاده لم يتفقوا على ذلك ولم يبايعوا ، بل إنّ سعدا قتله ابن الخطاب لأنه لم يبايع (٢) ، فيكون خروج هؤلاء خرقا للإجماع المدّعى.
٢ ـ إنّ الشيعة لا يعتبرون الإجماع حجة شرعية إلّا إذا كشف عن رأي المعصوم عليهالسلام ، فهو حجة حينئذ لهذا المناط ، وحيث إنّ بيعة أبي بكر لم تقترن بموافقة الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام لم يتمّ عندهم الإجماع الحجة ؛
__________________
(١) هذا الاعتراض سجّله بعض متكلمي السنّة لاحظ إحقاق الحق : ج ٢ ص ٣٤١.
(٢) روى البلاذري أن ابن الخطاب أشار إلى خالد بن الوليد ومحمد بن سلمة الأنصاري بقتل سعد فرماه كل واحد بسهم فقتل ثم أوقعوا على أوهام الناس أنّ الجن قتلوه كما أن أناسا حاولوا أن يطئوا بأقدامهم سعدا فقال بعضهم اتقوا سعدا فأجابهم عمر بالقول : اقتلوا سعدا قتله الله. لاحظ تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٤٥٩ ولاحظ إحقاق الحق : ج ٢ ص ٣٤٦.