بعد شهادة مولاتنا فاطمة عليهاالسلام ، بل ادعى الأخير ـ أي أبو السعود ـ نقلا عن البعض ولم يستنكر كلامه وهذا دليل تبنيه له فقال : إن عليا عليهالسلام إنما تخلّف عن البيعة إكراما لفاطمةعليهاالسلام لا ادعاء منه أنه هو الأحق بالإمامة.
أقول : أراد أبو السعود أن يكحّل فعمّى العينين ، لأن ما استدل به على مدعاه لا تؤيده المصادر الموثوقة عند الشيعة الإمامية ، لأن رواية البيعة هي من مصادر العامة والرشد في خلافهم ، هذا مضافا إلى أن عدم مبايعة أمير المؤمنين عليهالسلام لأبي بكر ليس لوجود سيدتنا الصدّيقة عليهاالسلام فحسب وإنما لأن البيعة دليل رضا المبايع للمبايع له ، واغراء المكلفين بالقبيح وهو مستحيل صدوره من الحكيم.
٢ ـ إن تخصيص الإجماع بأشخاص معدودين دون من ذكرنا من الهاشميين وعلى رأسهم أمير المؤمنين عليهالسلام وكذا الأنصار وعلى رأسهم سعد بن عبادة والأصحاب الأجلاء يعدّ تخصيصا من دون دليل ، أو ليس هؤلاء من المسلمين ، وأ وليسوا من أهل الحل والعقد؟! فما معنى هذه الغميضة في حقهم وعدم الالتفات إليهم؟
وهل هذا إلّا جفاء وشقاء بالنسبة إلى هؤلاء النبلاء؟
وبهذا يتبين عدم صحة خلافة أبي بكر ، والأدلة على ذلك كثيرة أعرضنا عنها خوف الإطالة والملل.
فإذا بطلت خلافته ، تعينت خلافة الإمام علي عليهالسلام بحكم الأدلة العقلية والنقلية.
الأدلة العقلية :
الأول : اللطف :
قد تقدم معنا في بحوث سابقة معنى اللطف وحقيقته ، ونعيد هنا ما ذكرناه سابقا بشيء من الإجمال ، فنقول : إنّ الله تعالى بمقتضى رأفته بالعباد وبلطفه بهم يجب عقلا ـ بعد أن فرض عليهم أحكاما وتكاليف ـ أن يوجد لهم لطفا منه يتحقق به بعدهم عن المعصية وقربهم من الطاعة ، فيجب بضرورة العقل أن يوجده لأنه محصّل لغرضه وهو طاعتهم وانقيادهم له ، ولو لم يوجده لناقض غرضه ، إذ كيف يأمرهم بطاعته ثم لا يحقق لهم الفرص التي تمكّنهم منها.
ووجوب اللطف لا يختص بالأنبياء والمرسلين بل يشمل الأوصياء والأولياء المنصوصين من قبل الله تعالى لأنّ مهام هؤلاء كمهام أولئك بمناط واحد لا