يختلفون عن بعضهم البعض إلّا في تلقي الوحي التشريعي ، وبحسب قاعدة اللطف وجب كون الإمام معصوما ، وغير الإمام علي (روحي فداه) من الثلاثة المتقدمين عليه لم يكن أحد منهم معصوما بالإجماع بين الفريقين فيتعيّن كونه عليهالسلام هو الخليفة الحق.
قال العارف السيد محمد حسين الطهراني «قدّس سره» :
لمّا اقتضى اللطف الإلهي أن يصطفي الله الأنبياء لتقريب العباد إلى طاعة الله وإبعادهم عن معصيته ، والوصول إلى مقام الرب وحرم الله الآمن ، ليؤدّبوا العباد بآداب العبودية ، ويعلّموهم ما خفي عليهم وجهلوه ويعلّموهم أن الله لم يخلقهم كالأنعام ليأكلوا ويشربوا ويعيشوا غافلين ، بل خلقهم للمعرفة حتى يلتمسوا طريق رضاه بتوجيه الأنبياء وإرشادهم وبذلك يسّر عليهم طريق السلوك ، وأتمّ عليهم الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، وتتابع الوحي الإلهي في كل عصر وهداهم إلى طريق السعادة بواسطة الأنبياء. لمّا اقتضى اللطف الإلهي كلّ تلك الأشياء ، فكذلك اقتضى أن يكون للدين أئمة بعد الأنبياء وهم أفضل الخلق وأعرفهم وأعلمهم بحقائق الدين ، لكي يوصلوا النفوس التي لم تكتمل بعد إلى الكمال ويبلّغوا الأحكام المشرّعة التي لم تبلّغ للناس لأسباب ما ، ويربّوا الأشخاص الذين لم يتشرفوا برؤية الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والاستفادة منه فيقودوهم نحو طريق الهداية ، وليس من المعقول أن يهمل الله الأمّة ويتركها بدون من يدير شئونها ، في حين أنّ جميع الناس متساوون من حيث الحاجة إلى من يربّيهم ويعلّمهم ، وجميعهم متكافئون من حيث شمولهم بقاعدة اللطف الإلهي.
إذن ، من اللازم على الله تبارك وتعالى أن يبعث من يوجّه النفوس نحو الكمال ، وهو الذي يكمل الشريعة ببيانه ، ويدفع شبهات الملحدين وينير عالم الجهل بنور العرفان ، ويوضّح معارف الدّين وأسراره للنفوس المستعدّة. ويصدّ أعداء الدّين بقوة السلاح ، ويقوّم الاعوجاج بيده ولسانه ، ويرفع النقائص ويملأ الفراغ. ولمّا كانت هناك فاصلة زمانيّة بين نبيّين ، ولا وجود لشريعة وقانون بعد خاتم النبيين ، فسوف يكون وجود الإمام بين الشرائع ، وبعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لازما وضروريا بوصفه العلّة المبقيّة لأساس الغرض. ولمّا أخذ الله على نفسه أن يمنّ على عباده بلطفه الخفيّ ، ويرعاهم رعاية دقيقة ، ويهديهم ويحسن بهم ، ولا يريد إلّا خيرهم وسعادتهم ، لذلك عليه أن لا يترك دين نبيّه ناقصا بارتحاله وإنّما