باطنية لا يناقض وظائفه الظاهرية التي هي من مختصات النبي إذ لا فرق بين النبي والإمام إلّا في تلقي الوحي التشريعي.
إذن لا بد للإمام أن يكون معصوما لا تصدر منه أية معصية ، وغير الأئمةعليهمالسلام ليسوا بمعصومين إجماعا لما هو معروف من كون الذين تقدّموا على أمير المؤمنين كانوا يعبدون الأصنام فلا يكونون أئمة ، لأنّ العصمة شرط في الإمام.
وأما ما قد أثاره بعض العامة من أنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب عليه فيستحق الإمامة ، فسوف يأتي إن شاء الله تعالى الإجابة عنه في الأدلة النقلية.
الثالث : كون الإمام أفضل الرعية :
أي يجب أن يكون الخليفة أفضل الرعية وأعلمهم ، وغير أمير المؤمنين عليهالسلام ممن تقدم عليه لم يكونوا كذلك ، فتعيّن كونه هو الإمام بعد النبي ، وخالف الأشاعرة ذلك فأجازوا تقديم المفضول على الفاضل تأسيسا لخلافة أئمتهم الذين سنّوا لهم هذا الاختيار مع الاعتقاد ضمنا أنّ الإمام عليا عليهالسلام أفضل الجميع ، وقد خالفوا في ذلك مقتضى العقل ونصّ الكتاب ، فإنّ العقل يقبّح تعظيم المفضول وإهانة الفاضل ورفع مرتبة المفضول وخفض مرتبة الفاضل ، والقرآن نص على إنكار ذلك فقال تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (يونس / ٣٦).
وقال تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (الزمر / ١٠) (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (النساء / ٩٦) ، (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) (المائدة / ١٠١) ، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) (الأنعام / ٥١) ، (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (النحل / ٧٧) ، (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (٢٠) وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ (٢١)) (فاطر / ٢٠ ـ ٢١) ، (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) (الحديد / ١١) ، (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) (الحشر / ٢١) ، وكيف ينقاد الأعلم الأزهد الأشرف حسبا ونسبا للأدون في ذلك كله؟!