والمشايخ الثلاثة مباينة بعيدة ومناوأة شديدة حتى لم يشهد التاريخ بحرب له في نصرتهم مع أنه أبو الحرب وابن بجدتها ، وما قام الإسلام إلّا بسيفه وما تخلّف عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في موقف سوى تبوك وقام بأعباء الحروب الثقيلة في أيام توليه الخلافة ، وقد امتلأت كتب التاريخ بما وقع بينه وبينهم لا سيما الثالث وذلك لا يجتمع مع البناء على أنّهم جميعا أركان الدين وأقطاب الحقّ وإخوة الصدق وهمهم نصر الإسلام لا الزعامة الدنيوية فلا بدّ من وقوع خلل هناك إما لكونهم جميعا على باطل ولا يقوله مسلم أو لكون أحد الطرفين على الحق والآخر على الباطل وهو المتعين ، ولا قائل من أهل الإسلام بأنّ عليّا عليهالسلام إذ ذاك مبطل حتى الخوارج فيتعيّن أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام هو المحقّ وغيره المبطل فلا بدّ أن يكون هو الإمام (١).
هذه بعض الأدلة العقلية على أحقية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام بالخلافة دون غيره.
الأدلة النقلية :
وهي من ناحيتين : القرآن والسنّة المتواترة.
أما القرآن الكريم : ففيه آيات كثيرة جدا ناهزت مائتي آية تدلّ على أحقية أمير المؤمنين وعلوّ قدره ، نذكر بعضا منها.
الآية الأولى :
قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٦) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (المائدة / ٥٦ ـ ٥٧).
اتّفق (٢) الفريقان على نزول الآية بأمير المؤمنين عليهالسلام عند ما تصدّق بخاتمه على فقير وهو في الصلاة ، وقد دلّت على ذلك الروايات المتواترة لفظا ومعنى على نزولها في حق الإمام علي عليهالسلام. وقد أبدى بعض النواصب عدّة
__________________
(١) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٤٣.
(٢) شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : ص ١٦١ ـ ١٩٢ وتفسير ابن كثير : ج ٢ ص ٦٤ وإحقاق الحق : ج ٢ ص ٣٩٩ والمراجعات : ص ٢٥٢ بتحقيقنا ط مؤسسة الأعلمي ، وتفسير الكشّاف : ج ١ ص ٦٣٥.