فلذلك نقول : إن الإمامة لا تكون إلّا بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس ، فليس لهم إذا شاءوا أن ينصبوا أحدا نصبوه ، وإذا شاءوا أن يعيّنوا إماما لهم عيّنوه ، ومتى شاءوا أن يتركوا تعيينه تركوه ، ليصح لهم البقاء بلا إمام ، بل «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» على ما ثبت ذلك عن الرسول الأعظم بالحديث المستفيض.
وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى ، سواء أبي البشر أم لم يأبوا ، وسواء ناصروه أم لم ينصروه أطاعوه أم لم يطيعوه ، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس ، إذ كما يصح أن يغيب النبي كغيبته في الغار والشعب صح أن يغيب الإمام ، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها.
قال الله تعالى : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (الرعد / ٧) ، وقال : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (فاطر / ٢٤).
* * *
تعرّض المصنف (قدّس سره) في هذا الباب إلى عدّة نقاط ، نبحث فيها تباعا هي :
١ ـ ماهية الإمامة.
٢ ـ الإمامة من أصول الدين.
٣ ـ النص عليها من الله تعالى.
٤ ـ عدم خلوّ الزمان من إمام.
النقطة الأولى :
والبحث فيها من جهتين :
الأولى : لغويّة.
الثانية : اصطلاحية.
أما الجهة الأولى : الإمامة مصدر ، وهي الولاية العامة التي منها الإمارة والسلطنة. و «إمام» اسم