موضوعه ..
(قال : ـ وموضوعه العلوم من حيث يتعلق به إثباتها) (١).
أقول : اتفقت كلمة القوم على أن التمييز (٢) العلوم في أنفسها إنما هو بحسب تمايز الموضوعات ، فناسب تصدير العلم ببيان الموضوع لإفادة لما به يتميز بحسب الذات بعد ما أفاد التعريف التمييز (٣) بحسب المفهوم ، وأيضا في معرفة جهة الوحدة للكثرة المطلوبة إحاطة بها إجمالا بحيث إذا قصد تحصيل تفاصيلها (٤) لم ينصرف الطلب عما هو منها إلى ما ليس منها ، ولا شك أن جهة وحدة مسائل العلم أولا وبالذات هو الموضوع إذ فيه اشتراكها وبه اتحادها على ما سنفصله ، وتحقيق المقام أنهم لما حاولوا معرفة أحوال الأشياء بقدر الطاقة البشرية على ما هو المراد بالحكمة وصنعوا الحقائق أنواعا وأجناسا وغيرها ، كالإنسان والحيوان والموجود ، وبحثوا عن أحوالها المختصة وأثبتوها لها بالأدلة فحصلت لهم قضايا كسبية محمولاتها أعراض ذاتية لتلك الحقائق ، سموها بالمسائل ، وجعلوا كل طائفة منها يرجع إلى واحد من تلك الأشياء بأن تكون موضوعاتها نفسه أو جزءا (٥) له أو نوعا منه أو عرضا ذاتيا له علما خاصا يفرد
__________________
(١) يرى صاحب المواقف : أن موضوع علم الكلام : المعلوم من حيث يتعلق به اثبات العقائد الدينية تعلقا قريبا أو بعيدا ص ٤٠ ج ١. وينقل رأي القاضي الأرموي بأن موضوع علم الكلام : ذات الله تعالى إذ يبحث فيه عن أعراضه الذاتية أعني صفاته وعن أفعاله ، أما في الدنيا كحدوث العالم وأما في الآخرة كالحشر للأجساد وعن أحكامه فيهما كبعث الرسول ونصب الإمام والثواب والعقاب ج ١ ص ٤٢ ، ٤٣ أو أن موضوعه : الموجود بما هو موجود أي من حيث هو غير مقيد بشيء والقائل به طائفه منهم حجة الإسلام ج ١ ص ٤٧.
(٢) في (ب) تمايز.
(٣) في (ب) تمايز.
(٤) في (ب) تمايز.
(٥) في (ب) أجزاء له.