مجراهم ، وعلى هذا لا يرد الاعتراض بأن قانون الإسلام ما هو الحق من مسائل الكلام فإن أريد الحقية والانتساب إلى الإسلام بحسب الواقع لم يصلح هذا القيد لتميز الكلام عن غيره، لأنه ليس لازما بينا ، إذ كل من المتكلم وغيره يدعي حقية مقاله ، ولم يصدق التعريف على كلام المخالف لبطلان كثير من قواعده مع أنه كلام وفاقا ، وإن أريد بحسب اعتقاد الباحث حقا كان أو باطلا ، لم يتميز الكلام بهذا القيد عن الإلهي لاشتراكهما في ذلك.
اختلاف الباحثين في حقيقة علم الكلام
(قال : فإن قيل : قد يبحث مع نفي الوجود الذهني عن أحوال ما لا يعتبر وجوده كالنظر والدليل وما لا وجود كالمعدوم والحال قلنا : ولواحق ولو سلم فنفي الذهني رأي البعض).
أقول : اعترض في المواقف على كون موضوع الكلام هو الموجود من حيث هو بأنه قد يبحث عن أحوال ما لا يعتبر وجوده ، وإن كان موجودا كالنظر والدليل وعن أحوال ما لا وجود له أصلا كالمعدوم والحال ولا يجوز أن يؤخذ الموجود أعم من الذهني والخارجي ليعم الكل ، لأن المتكلمين لا يقولون بالوجود الذهني ، والجواب :
إنا لا نسلم كون هذه المباحث من مسائل الكلام ، بل مباحث النظر والدليل من مباديه على ما قررنا (١) وبحث المعدوم والحال من لواحق مسألة الوجود
__________________
ـ وهو الذي خلع طاعة الإمام علي وأعلن عصيانه. وعلماء الفقه الإسلامي يسمون من فعل ذلك الباغي ، وجمعه بغاة.
وأما الحرورية فنسبة إلى حرورى القرية التي نزل بها الخوارج الذين خالفوا الإمام عليا وبها كان تحكيمه واجتماعه. وأما الشراة يزعمون أنهم باعوا أنفسهم لله. يشيرون إلى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ). وخصومهم يقولون إن الشاري اسم الفاعل من شر الشرر إذا زاد وتفاقم.
(انظر مقالات الإسلاميين ج ١ ص ١٦٧).
(١) في (ب) على ما تقرر.