الضرورية في ست : البديهيات ، (١) والمشاهدات ، والفطريات ، والمجربات ، والمتواترات ، والحدسيات ، لأن القضايا إما أن يكون تصور أطرافها بعد شرائط الإدراك من الالتفات ، وسلامة الآلات ، كافيا في حكم العقل أو لا؟ فإن كان كافيا فهي البديهيات ، وإن لم يكن كافيا فلا محالة يحتاج إلى أمر ينضم إلى العقل ويعينه على الحكم ، أو إلى القضية أو إليهما جميعا.
فالأول : المشاهدات لاحتياجها إلى الإحساس.
والثاني : لا يخلو من أن يكون ذلك الأمر لازما وهي الفطريات أو غير لازم ، وحينئذ إن كان حصوله بسهولة فهي الحدسيات ، وإلا فليست من الضروريات بل من النظريات (٢).
والثالث : إن كان حصوله بالأخبار فالمتواترات وإلا فالمجربات ، أما البديهيات وتسمى أوليات فهي قضايا يحكم العقل بها بمجرد تصور طرفيها كالحكم بأن الواحد نصف الاثنين ، والجسم الواحد لا يكون في آن واحد في مكانين ، وقد يتوقف فيه العقل لعدم تصور الطرفين ، كما في قولنا : الأشياء المتساوية (٣) لشيء واحد متساوية ، أو لنقصان الغريزة كما في الصبيان والبله ، أو لتدنيس الفطرة بالعقائد المضادة كما في بعض الجهال ، أو لأن الله تعالى (٤) لا يخلقه على ما هو المذهب.
وأما المشاهدات : فهي قضايا يحكم بها العقل بواسطة الحواس الظاهرة
__________________
(١) البديهيات : قضايا أولية صادقة بذاتها يجزم بها العقل من دون برهان ومفردها (بديهية) مثال ذلك : الكل أعظم من الجزء والأشياء المساوية لشيء واحد متساوية. وقد سميت بالبديهيات لأن الذهن يلحق محمول القضية بموضوعها من دون توسط شيء آخر وهي أساس العلم ، لأن العلم إما : بديهي ، وهو الذي لا يتوقف حصوله على نظر وكسب ، كتصور الحرارة والبرودة ، وكالتصديق بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يفترقان ، وإما النظري : وهو الذي يتوقف حصوله على نظر وكسب ، كتصور المعاني العلمية والتصديق بقوانين الطبيعة.
(٢) سقط من (ب) حرف (من).
(٣) في (ب) المساوية.
(٤) سقط من (ب) كلمة (تعالى).