الموجود ، وفي كلام الفارابي (١) أن الوجود إمكان الفعل والانفعال ، والموجود ما أمكنه الفعل والانفعال.
التصديق ببداهة تصور الوجود
(قال : واستدل بوجوه ، الأول : أن التصديق البديهي بتنافي الوجود والعدم يتوقف على تصوره (٢) ، ورد بأنه أريد البداهة مطلقا (٣) بمعنى عدم التوقف على الكسب أصلا فممنوع ، بل مصادرة أو بداهة الحكم فغير مفيد إذ لا يستلزم تصور الحقيقة ولا ينافي اكتسابه لا يقال بداهة الكل وان توقفت على بداهة الأجزاء لكن العلم ببداهته لا يتوقف على العلم ببداهتها بل يستتبعه فلا مصادرة (٤) لأنا نقول توقف العلم ببداهة الكل على العلم ببداهة الجزء ضروري ، كتوقف الكل على الجزء إذ بداهة الجزء جزء بداهة الكل ، والعلم بالكل إما نفس العلم بالأجزاء أو حاصل به).
الثاني : أنه معلوم يمتنع اكتسابه إما بالحد (٥) فلبساطته إذ لو تركب فأما من الموجودات فيلزم تقدم الشيء على نفسه ، ومساواة الجزء للكل في ماهيته ، أو من غيرها فلا بد أن يحصل عند الاجتماع أمر زائد يكون هو الموجود ، لئلا
__________________
(١) الفارابي : هو محمد بن طرخان أبو نصر الفارابي ، ويعرف بالمعلم الثاني. من أكبر فلاسفة المسلمين ، تركي الأصل. ولد في فاراب على نهر جيحون وانتقل إلى بغداد فنشأ بها وألف بها أكثر كتبه ، ورحل إلى مصر والشام وتوفي بدمشق عام ٣٣٩ ه. وكان يحسن اليونانية وأكثر اللغات الشرقية المعروفة في عصره. من كتبه : الإشارات والسياسة المدنية ، وأغراض ما بعد الطبيعة ، إلى غير ذلك.
(٢) غير مفيد للمقصور الذي بداهة تصور الوجود بحقيقته.
(٣) أي إن أريد بتلك البداهة : البداهة على الإطلاق وهي الشاملة لجميع أجزاء التصديق من الحكم ، وجميع التصورات المتعلقة كما هو مذهب الإمام من أن التصديق : هو الحكم مع جميع تصوراته.
(٤) يقول صاحب كتاب أشرف المقاصد. ونحن لا نسلم توقف العلم ببداهة المجموع على العلم ببداهة كل شيء ، وإنما التوقف بين بداهة والبداهة بمعنى أن بداهة الكل متوقفة على بداهة الجزء ، لم تستدل بالبداهة على البداهة بل العلم بها في الكل على العلم بها في الجزء.
(٥) بالحد : الذي هو تعريف الشيء بالذاتيات من الجنس والفصل فلبساطته.