أورد منع بداهته ، فأجاب بأنه على تقدير كونه كسبيا لا بد من الانتهاء إلى دليل يعلم وجوده بالضرورة قطعا للتسلسل ، والعلم بالوجود جزء من ذلك العلم فيكون ضروريا. وصرح صاحب المواقف بأنه جزء وجودي وهو متصور بالبديهة ، ثم أورد جواب الإمام عن منع المذكور وزاد عليه. فقال (١) : وأيضا لا دليل عن سالبتين ، فلا بد من الانتهاء إلى موجبة يحكم فيها بوجود المحمول للموضوع ضرورة ، ثم دفعهما بأن الذي لا بد من الانتهاء إليه دليل هو ضروري لا وجوده ، فإنا نستدل بصدق المقدمتين لا بوجودهما في الخارج وبأن الموجبة ما حكم فيها بصدق المحمول على ما صدق عليه الموضوع لا بوجوده له ، وأنت خبير بأنه لا دخل للدليل وترتيب المقدمتين في الإيصال إلى التصور ، وإن كان كلامه صريحا (٢) في أنه يريد بالدليل الموصل إلى التصديق لا الموصل في الجملة وأن مراد الإمام بالدليل الذي لا بد من العلم بوجوده هو الأمر الذي يستدل به ، كالعالم للصانع لا المقدمات المرتبة وأنه لا معنى لصدق المحمول على الموضوع سوى وجوده له ، وثبوته له (٣).
نعم يتجه أن يقال : الوجود هنا رابطة ، وليس الكلام فيه.
الوجود نفس الماهية أو زائد عليها
(قال : فإن قيل : هو إما نفس الماهية فيكتسب مثلها ، أو عارض فلا يعقل إلا تبعا لها ، والقول بأن الكلام في مطلق الوجود أو المعروض مطلق الماهية لا يدفع التبعية بل يزيدها ، وأيضا لو كان بديهيا لم يشتغل العقلاء بتعريفه ، ولم يختلفوا في بداهته ، ولم يحتجوا عليها.
__________________
(١) في هذا النص الذي نقله عن المواقف تحريف ، وصواب النص : ولا دليل عن سالبتين فلا بد في الدليل من مقدمة موجبة قد حكم فيها بوجود المحمول للموضوع ولا يمكن أن يكون العلم بوجود كل محمول للموضوع مستفادا من دليل آخر ، بل لا بد من الانتهاء إلى دليل مشتمل. الخ ..
(المواقف ج ١ ص ٨٠).
(٢) في (أ) بزيادة (كان).
(٣) سقط من (ب) لفظ (له).