الكل ، بأن يقال الموجود من الممكن إما جوهر أو عرض ، ومن الجوهر إما إنسان أو غيره.
فإن قيل : على الوجهين الأولين (١) لم لا يجوز أن يكون الأمر الباقي المقطوع به هو تحقق معنى من معاني لفظ الوجود لا مفهوم له كلي ، وأن يكون التقسيم لبيان مفهومات اللفظ المشترك كما يقال العين إما فوارة وإما باصرة لا لبيان أقسام مفهوم كلي.
قلنا : لأنا نجد الجزم وصحة التقسيم مع قطع النظر عن الوضع واللغة ، ولفظ الوجود ، فإن نوقض الوجهان بالماهية والتشخيص حيث يبقى الجزم بأن لعلة الحادث ماهية وتشخصا مع التردد في كونها واجبا ، أو ممكنا وتقسيم كل منهما إلى الواجب والممكن ، مع أن شيئا من الماهيات والتشخصات ليس بمشترك بين الكل.
أجيب بأن مطلق الماهية والتشخص أيضا مفهوم كلي مشترك بين الماهيات والتشخصات المخصوصة فلا نقض ، وإنما يرد لو ادعينا أن الوجودات متماثلة حقيقتها مفهوم الوجود ولا خفاء في أن شيئا من الوجود لا يدل على ذلك.
الثالث : أنه لو لم يكن للوجود مفهوم مشترك لم يتم الحصر (٢) في الموجود والمعدوم ، لأنا إذا قلنا : الإنسان متصف بالوجود بأحد المعاني أو معدوم كان عند العقل تجويز أن يكون متصفا بالوجود بمعنى آخر ويفتقر إلى إبطاله وهذا لا يتوقف على اتحاد مفهوم العدم ، إذ على تقدير تعدده كان عدم الحصر أظهر لجواز أن يكون متصفا بالعدم بمعنى آخر ، فلذا عدلنا عما ذكره القوم من أن
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (الأولين).
(٢) حصره : ضيق عليه وأحاط به وبابه نصر. والحصير : المحبس. قال تعالى : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) وكل من امتنع من شيء فلم يقدر عليه فقد حصر عنه ، ولهذا قيل : حصر في القراءة وحصر عن أهله. والحصر بالضم اعتقال البطن. قال ابن السكيت : (أحصره) المرض ، أي منعه من السفر أو من حاجة يريدها.
قال تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) وقال الأخفش : (حصرت) الرجل فهو محصور أي حبسته.