هل كان المسلمون في حاجة إليه ..؟
ونتساءل : هل كان المسلمون بحاجة إلى علم الكلام حين قام؟
يرى بعض العلماء أن العقائد ثابتة في القرآن ، وأوضحتها السنة النبوية فلا حاجة إذن إلى علم الكلام.
هذا على اعتبار أن علم الكلام : هو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية على الغير ، بإيراد الحجج ودفع الشبه .. كما يقول (التفتازاني) في شرحه للعقائد العضدية (١).
ويقولون أيضا : لو كان علم الكلام هدى ورشادا لتكلم فيه النبي صلىاللهعليهوسلم ، وخلفاؤه وأصحابه ، ولأن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يمت حتى تكلم في كل ما يحتاج إليه من أمور الدين ، وبيّنه بيانا شافيا ، ولم يترك بعده لأحد مقالا فيما للمسلمين إليه حاجة من أمور دينهم ، وما يقربهم إلى الله عزوجل ، ويباعدهم عن سخطه ، فلما لم يرووا عنه الكلام في شيء مما ذكرناه علمنا أن الكلام فيه بدعة ، والبحث عنه ضلالة لأنه لو كان خيرا لما فات النبيصلىاللهعليهوسلم ولتكلموا فيه.
وقالوا أيضا : ولأنه ليس يخلو ذلك من وجهين : إما أن يكونوا علموه فسكتوا عنه ، أو لم يعلموه بل جهلوه ، فإن كانوا علموه ولم يتكلموا فيه وسعنا أيضا نحن السكوت عنه ، كما وسعهم السكوت عنه ، ووسعنا ترك الخوض فيه ، كما
__________________
(١) راجع شرح العقائد العضدية ، وكتاب المواقف لعضد الدين الإيجي.