الجسم ، فإن قيامه إما بالجسم الأسود ، فدور أو تسلسل واجتماع للمثلين ، أو اللاأسود فتناقض ، وهو ضعيف لأن قيامه بجسم أسود به لا بسواد قبله ليلزم محال ، وطريانه على محل لا أسود يصير حال طريانه أسود من غير تناقض ، ولا كذلك حال الوجود مع الماهية ، لأن الخصم يدعي أن تقدم المعروض على العارض بالوجود ضروري ، فلا يصح قيام الوجود بمحل موجود بهذا الوجود فلا محيص سوى المنع ، والاستناد بأن ذلك إنما هو في العروض الخارجي ، كسواد الجسم ، وهذا ليس كذلك.
وعن الثاني : بأن الوجود ليس بموجود ولا معدوم ، وهو أيضا ضعيف لما سيأتي من نفي الواسطة.
التوفيق بين الآراء المتنازعة
(قال : فإن قلت لا خفاء مثلا أن ليس مفهوم الوجود مفهوم الإنسان ، وليس لفظ الوجود وما يرادفه من جميع اللغات موضوعا بالاشتراك لمعان لا تكاد تتناهى ، واحتجاج الفريقين يشهد بأن النزاع في الوجود بمعنى الكون. وليس نائبا عن أن الوجود كما يطلق على الكون يطلق على الذات على أن مفهوم الذات أيضا معنى مشترك فما وجه هذا الاختلاف؟
قلت : مضمون أدلة الجمهور أن ليس مفهوم الوجود مفهوم الماهية المتصفة به ، وأدلة الشيخ أن ليس لهما هويتان متمايزتان تقوم إحداهما بالأخرى ، كالجسم مع البياض ، فلا خلاف في أن الوجود زائد ذهنا بمعنى أن للعقل أن يلاحظ الماهية دون الوجود وبالعكس ، لا عينا بأن يكون للماهية تحقق ، ولعارضها المسمى بالوجود تحقق آخر ، حتى يجتمعا اجتماع القابل والمقبول ، كالجسم والبياض ، فعند التحرير لا يبقى نزاع ، ويظهر أن جعل الاشتراك لفظيا مكابرة ، ولا يتفرع على الوجود الذهني سوى أن للمثبت أن يقول زائد في العقل ، وعلى النافي أن يقول عقلا أو في التعقل وليس له نفي التغاير العقلي ، والاشتراك المعنوي كما في سائر المفهومات الكلية سيما