في كون التعقل بحصول شيء في العقل وفي اقتضائه الثبوت في الجملة. فلا يتجه لهم بمجرد نفي الوجود الذهني. نفي التغاير بين الوجود والماهية ، في التصور بأن يكون المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر ، ونفي الاشتراك المعنوي ، بأن يعقل من الوجود معنى كلي مشترك بين الوجودات ، كما لا ينبغي تغاير مفهوم الفرس ومفهوم الإمكان لمفهوم الامتناع ، ولاشتراك كل من ذلك بين الأفراد ، بل غاية الأمر ألا يقولوا الوجود أمر (١) زائد في العقل ، والمعنى الكلي المشترك ثابت فيه ، بل يقولوا : زائد ومشترك عقلا ، وفي التعقل بمعنى أن العقل يفهم من أحدهما غير ما يفهم من الآخر ، ويدرك منه معنى كليا يصدق على الكل ، ولهذا اتفق الجمهور من القائلين بنفي الوجود الذهني على أن الوجود مشترك معنى ، وزائد (على الماهية. ذهنا بالمعنى الذي ذكرنا) (٢).
الوجود زائد على الماهية ذهنا في الممكن
(قال : هذا في الممكن ، وأما في الواجب فعندنا (٣) له حقيقة يزيد عليها وجودها الخاص ذهنا ، كما في الممكنات (٤) وعند الفلاسفة (٥) حقيقته الوجود الخاص القائم بالذات، المخالف بالحقيقة لسائر الموجودات ، المعبر عنه بالوجود البحث. والوجود بشرط لا إذ في الماهية مع الوجود شائبة التركيب ، والاحتياج ، ولا كذلك الوجود الخاص مع المطلق ، فإنه كون خاص متحقق بنفسه قائم بذاته ، غني في التحقق عن المطلق وغيره.
__________________
(١) في (أ) بزيادة (أمر).
(٢) ما بين القوسين سقط من (أ).
(٣) يقصد (المتكلمين).
(٤) وعلى هذا ليس فيه ما يقتضي حدوث الواجب تعالى لأن المشاركة في الأمور الاعتبارية لا تقتضي التساوي في القدم والحدوث ، وكون الوجود زائدا ذهنا لا خارجا أمر اعتباري فلا يوجب التساوي في كل شيء.
(٥) ويعبر المتكلمون عنهم «بالحكماء».