عارضا ، فقد قال : ـ بأن في الممكن أمرا وراء الماهية ، والحصة من مفهوم الكون هو وجوده الخاص الذي به تحققه في الأعيان ، بل نفس تحققه ، وكل دليل على ذلك فقد دل على هذا إلا (١) أن هذا التغاير إنما هو بحسب العقل لا غير ، فليس في الخارج للإنسان مثلا أمر هو الماهية وآخر هو الوجود فضلا (٢) عن أن يكون هناك وجودان على أنا لو فرضنا كون وجوده زائدا على الماهية بحسب الخارج أيضا كما في بياض الثلج لم يلزم ذلك ، لأن مفهوم العام أو الحصة منه صورة عقلية محضة ولو سلم فاتحاد الموضوع والمحمول بحسب الخارج ضروري ، فمن أين يلزم في الإنسان وجودان وفي الثلج بياضان ..؟
حقيقة الواجب هو مطلق الوجود
(وقال : ثم إن جمعا من المتفلسفة والمتصوفة ، توهموا (٣) أن في الوجود الخاص مع المطلق أيضا شائبة التركيب والاحتياج (٤) ، فذهبوا إلى أن حقيقة الواجب هو مطلق الوجود، وأنه ليس معنى كليا يتكثر إلى الجزئيات ، بل واحد بالشخص (٥) موجود بوجود هو نفسه ، وإنما التكثر في الموجودات بواسطة الإضافات ، ومعنى قولنا الواجب موجود أنه الوجود ، والممكن موجود ، أنه ذو الوجود بمعنى أن له نسبة إلى الواجب ، وادعوا أن قول الحكماء هو الوجود البحت وبشرط لا رمز إلى ذلك ، وهذا قولهم الوجود خير محض لا يعقل له ضد ولا مثل ولا جنس ولا فصل ، وأنت خبير بأن هذا ينافي تصريحهم بأنه من المحمولات العقلية ، لامتناع استغنائه عن المحل ، وحصوله فيه خارجا عن المعقولات الثانية ، إذ ليس في الأعيان ما هو وجود بل إنسان وسواد مثلا ، وأنه
__________________
(١) في (ب) فقد دل على هذا لأن التغاير.
(٢) سقط من (ب) لفظ (فضلا عن).
(٣) توهموا أمرا لا يلزم في الوجود الخاص وتعبيره بما أخذ من التفعل يدل على التكلف.
(٤) أي توهموا أن في الوجود الخاص مع المطلق تركيبا ، كما توهم الحكماء أن في الوجود مع الماهية تركيبا.
(٥) لا يقبل التعدد بوجه أصلا.