العاقلة. وهو المعنى الموجود الذهني ، ثم إذا كان طريق التعقل واحدا كان تعقل الموجودات أيضا بحصول صورها في العقل. وذكر صاحب المواقف : أن المرتسم في العقل الفعال إن كان الصور والماهيات الكلية يثبت الوجود الذهني ، إذ غرضنا إثبات نوع من التميز للمعقولات ، غير التميز بالهوية الذي نسميه بالوجود الخارجي ، سواء اخترع العقل تلك الصور أو لاحظها من موضوع آخر ، كالعقل الفعال وغيره ، وفيه نظر ، لأن غاية ذلك أن يكون للمعقولات تميز عند العقل بالصورة والماهية ، لكن كون ذلك بحصول الصورة في العقل هو أول المسألة.
اتصاف الذهن بالحرارة والبرودة بديهي الاستحالة
(قال : تمسك المانعون (١) بأن اتصاف الذهن بالحرارة والبرودة وحصول السموات فيه بديهي الاستحالة ، وبأنه لو وجد في الذهن ما لا تحقق له في الخارج لوجد فيه ، لأن الموجود في الوجود في الشيء موجود فيه ورد (٢) بأن ذلك في الوجود المتأصل ، فالحار ما يقوم به هوية الحرارة لا صورتها ، والمحال حصول هويات السموات في الذهن لا صورها (٣). والحاصل في الذهن صورة المعدوم ، وفي الخارج هوية الذهن ، بخلاف وجود الماء في الكوز والكوز في الدار).
لما كان مبنى الوجود الذهني على استلزام التعقل إياه. اقتصر المانعون على إبطال ذلك وتقريره من وجوه :
__________________
(١) جمهور المتكلمين قالوا : إن الذهن لو حصل وجود معقوله فيه لزم اتصافه بذلك المعقول وإن كان وصفا إذ لا معنى لاتصاف الشيء بوصف إلا وجوده فيه ولزم كونه محالا لذاته إن كان ذاتا وكلاهما محال. أما الأول : فلما يستلزمه من صحة الجمع بين الضدين. وأما الثاني : فلما يستلزمه من تحمل الضيف ما لا يسمع منه أقل القليل وكلاهما بديهي البطلان.
(راجع الإرشاد للجويني).
(٢) في (ج) ودد بدالين بدون (الراء).
(٣) أي حصول صور السموات في الذهن فإنه جائز ، والحصول الذهني هو الحصول الصوري الممكن لا الحصول المحال.