المبحث الرابع
الوجود يرادف الثبوت
(قال : المبحث الرابع : الوجود يرادف الثبوت ويساوق الشيئية (١) ، والعدم يرادف النفي ، فلا المعدوم ثابت ، ولا بينه وبين الموجود واسطة ، وخوله في الأمرين إفرادا وجمعا. فقيل : المعلوم إما لا ثبوت له ، وهو المعدوم أو له ثبوت باعتبار ذاته ، وهو الموجود ، أو تبعا لغيره. وهو الحال ، فهو صفة لموجود لا موجودة ولا معدومة ، فتتحقق الواسطة. وقال جمهور المعتزلة : إن كان له كون في الأعيان فموجود ، وإلا فمعدوم وإن كان له تحقق في نفسه فثابت ، وإلا فمنفي (٢). الموجود أخص من الثابت والمنفي من المعدوم ، فالمعدوم قد يكون ثابتا ولا واسطة بينه وبين الموجود. وقال بعضهم : إن كان له كون في الأعيان فإما بالاستقلال ، وهو الموجود أو بالتبعية وهو الحال وإلا فمعدوم ، إما متحقق في نفسه فثابت ، أو لا فمنفي (٣) ، فالمعدوم ثابت (٤) وبينه وبين الموجود واسطة).
__________________
(١) الشيئية عند الحكماء تساوق الوجود وتساويه وإن غايرته مفهوما لأن مفهوم الشيئية العلم والإخبار عنه ، فإن قولنا (السواد موجود) يفيد فائدة معتدا بها دون (السواد شيء).
«ومشيئة الله عبارة عن تجلية الذات والعناية السابقة لإيجاد المعدوم أو إعدام الموجود ، وإرادته عبارة عن تجليه لإيجاد المعدوم فالمشيئة أعم من وجه من الإرادة ، ومن تتبع مواضع استعمالات المشيئة والإرادة في القرآن يعلم ذلك. وإن كان بحسب اللغة يستعمل كل منها مقام الآخر. انتهى ..
(راجع التعريفات للجرجاني. وكشاف اصطلاحات الفنون ج ٤ مادة الشيء).
(٢) في (أ) بزيادة (الواو) ولا محل لها.
(٣) وحيث كان الثابت أعم من الموجود والمنفي نقيضه ومن المعلوم ان نقيض الأعم أخص من نقيضه الأخص لزم كون المنفي أخص من المعدوم الذي هو نقيض الموجود الذي هو أخص من الثابت ولخصوصه لا يصدق إلا الممتنع بخلاف المعدوم فيصدق على الممكن الذي لم يوجد.
(٤) في (ج) وبينه بزيادة (الواو).