وأجيب : بأن الواجب ما يستغني عن الغير في وجوده لا في ثبوته الذي هو أعم.
الرابع : أن الذوات الثابتة والعدم غير متناهية عندكم ، هذا محال لأن القدر الذي خرج منها إلى الوجود متناه اتفاقا ، فيكون الكل أكثر من القدر الذي بقي على العدم بقدر متناه ، وهو القدر الذي دخل في الوجود ، فيكون الكل متناهيا بكونه زائدا على الغير بقدر متناه.
وأجيب : بأنا لا نسلم (١) أن الزائد على الغير بقدر متناه يكون متناهيا ، وإنما يكون كذلك لو كان ذلك الغير متناهيا وليس كذلك ، لأن الباقية على العدم أيضا غير متناهية كالكل.
فإن قيل : هي أقل من الكل قطعا ، فينقطع عند التطبيق فيتناهى ويلزم تناهي الكل.
فالجواب : النقض بمراتب الأعداد (٢) ، ومنع الزيادة والنقصان فيما بين غير المتناهيين. ولو سلم فلا يلزم من بطلان القول بعدم تناهيها بطلان القول بثبوتها.
الخامس : أن المعدوم إما مساو للمنفي أو أخص منه أو أعم ، إذ لا تباين لظهور التصادق ، فإن كان مساويا له أو أخص ، صدق كل معدوم منفي ، ولا شيء من المنفي بثابت ، فلا شيء من المعدوم بثابت. وإن كان أعم لم يكن
__________________
(١) في (ب) ثم وهو تحريف.
(٢) العدد أحد المفاهيم العقلية الأساسية وهو بهذا الاعتبار لا يحتاج إلى تعريف إلا أن بعض العلماء يعرفونه بنسبته إلى غيره فيقولون : العدد هو الكمية المؤتلفة من الوحدات ، أو الكمية المؤلفة من نسبة الكثرة إلى الواحد ، ويسمى بالكم المنفصل لأن كل واحد من أجزائه منفصل عن الآخر بخلاف الكم المتصل وهو ما كان بين أجزائه حد مشترك ، وللعدد عند بعض الفلاسفة قيمة مطلقة من جهة دلالته على طبائع الأشياء فالفيثاغوريون يزعمون أن الأعداد المجردة مطابقة لصور الموجودات.
(راجع المعجم الفلسفي ج ٢ ص ٦٠).