نفيا صرفا ، وإلا لما بقي فرق بين العام والخاص بل ثابتا. وقد صدق على المنفي فيلزم كونه ثابتا ضرورة أن ما صدق عليه الأمر الثابت ثابت ، وهو باطل ضرورة استحالة صدق أحد(١) النقيضين على الآخر ، هذا تقرير الإمام على اختلاف عباراته ، وقد اعتبر في بعضها النسب بين العدم والنفي ، ثم قال : وإذا لم يكن العدم نفيا صرفا بل ثابتا وهو صادق على النفي انتظم قياس هكذا : كل نفي عدم ، وكل عدم ثابت. فكل نفي ثابت. وهو محال. وأجيب عنه : بعبارات محصلها أنا لا نسلم (٢) أنه إذا لم يكن نفيا صرفا ، كان ثبوتيا محضا. لجواز أن يكون مفهوما بكون بعض أفراده ثابتا كالمعدومات الممكنة ، وبعضها منفيا كالممتنعات ، وهذا القدر كاف في الفرق (٣) ، وحينئذ لا يصدق أن كل معدوم ثابت ، ليلزم كون المنفي ثابتا. وزعم صاحب المواقف أن الاستدلال إلزامي. تقريره : أنه لو كان المعدوم (٤) ثابتا كان المعدوم أعم من المنفي ، وكان متميزا عنه ، فكان ثابتا ، لأن كل متميز ثابت عندكم ، وقد صدق المعدوم على المنفي فيكون ثابتا ضرورة أن ما صدق عليه الوصف الثبوتي فهو ثابت ، ولا خفاء في أن الجواب المذكور لا يتأتى على هذا التقدير ، فمن أورده لم يتفطن بمراد المستدل ، وكون كلامه إلزاميا.
فنقول : الجواب المذكور إنما أورد على تقرير الإمام ، ولا أثر فيه لحديث الإلزام ، على أنه لو قصد ذلك لكانت أكثر المقدمات لغوا. إذ يكفي أن يقال : لو لم يكن المعدوم والمنفي واحدا لكان المنفي متميزا عنه (٥) ، وكان ثابتا ، على أن الحق أنه لا تعلق لهذا الإلزام بكون المعدوم ثابتا. إذ يقال : لو كان المنفي مباينا للموجود كان متميزا عنه ، وكان ثابتا. وليت شعري كيف جعل خصوص المعدوم مستلزما لكونه منفيا ، وعمومه مستلزما لكونه ثابتا مع قيام التميز في الحالين ، فإن قيل على التقريرين (٦) : لما كان زعم الخصم ثبوت
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (أحد).
(٢) في (أ) ثم بدلا من (لا نسلم) وهو تحريف.
(٣) سقط من (أ) لفظ (في).
(٤) سقط من (أ) لفظ (كان).
(٥) سقط من (ب) لفظ (عنه).
(٦) في (ب) التقديرين.