المعدوم : فأي حاجة للمستدل إلى إثبات ذلك بالتكلف ، ليفرع عليه ثبوت المنفي؟. وهلا قال : من أول الأمر : ـ لو كان المعدوم ثابتا وهو صادق على المنفي لزم ثبوته.
قلنا : زعمه أن الذوات المعدومة الممكنة ثابتة ، ومقصود المستدل إثبات : أن الوصف الذي هو المعدوم المطلق ثابت منه ثبوت موصوفه. وإلى هذا يشير قول المواقف : لو كان المعدوم ثابتا كان المعدوم أعم بإعادة لفظ المعدوم دون ضميره. ألا يرى أن ما آل إليه كلامه ، أنه لو كان المعدوم ثابتا. لكان المعدوم ثابتا فلو لم يرد الموصوف وبالثاني الوصف لكان لغوا. ومما يجب التنبه له : أن المراد بالأعم في تقرير الإمام ، ما (١) يشمل العموم المطلق ، والعموم من وجه ليتم الحسر ، وفي تقرير المواقف يجوز أن يحمل على المطلق ويبين الملازمة بأنه صادق على كل منفي (٢).
أدلة القائلين بشيئية المعدوم والرد عليهم
(قال : تمسك المخالف بوجوه. الأول : أن المعدوم متميز ، لأنه معلوم ومراد ومقدور وكل متميز ثابت. لأن التميز إنما يكون بالإشارة العقلية ، والإشارة إلى النفي الصرف محال.
الثاني : أنه ممكن ، وكل ممكن ثابت لأن الإمكان ثبوتي.
قلنا : كل من التميز والإمكان عقلي ، يكفيه ثبوت المتميز والممكن في الذهن ، ولو اقتضيا الثبوت عينا لزم ثبوت الممتنعات لتميزها ، والمركبات الخياليات (٣) لتميزها وإمكانها.
الثالث : أن معنى ثبوت المعدوم ، أن السواد المعدوم مثلا سواد في نفسه ؛ إذ لو كان ذلك بالغير لزم ارتفاعه بارتفاع الغير ، فلا يبقى السواد الموجود سوادا حينئذ (٤).
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (ما).
(٢) في (ب) نفي بدلا من (منفي).
(٣) في (ب) الخاليات بدلا من (الخياليات) وفي (ج) الخيالية.
(٤) سقط من (ج) لفظ (حينئذ).