نسلم استحالته ، وإن أريد العدول ، أي السواد المتقرر في نفسه لا سواد ، فلا نسلم (١) لزومه ، وإنما يلزم لو كان السواد متقررا في نفسه حينئذ (٢).
فإن قيل : لكل شيء ماهية هو بها (٣) هو مع قطع النظر عن كل ما عداه لازما كان أو مفارقا ، فيكون السواد سوادا وسواء وجد غيره أو لم يوجد.
قلنا : لا يلزم من هذا سوى أن يكون السواد سوادا ، نظرا (٤) إلى الغير أو لم ينظر وقطع النظر عن الشيء لا يوجب انتفاءه ليلزم كون السواد سوادا ، وجد الغير أو لم يوجد ، وهذا كما أنه يكون موجودا مع قطع النظر عن الغير لا مع انتفائه.
الاختلاف إذا كانت الشيئية بعض الثبوت العيني
(قال : هذا في الشيئية بعض الثبوت العيني ، وأما أن الشيء اسم للموجود أو المعدوم ، أو ما ليس بمستحيل أو القديم أو الحادث أو غير ذلك فلغوي ، والمرجع (٥) إلى النقل والاستعمال).
يعني أن ما ذكرنا من الاختلاف والاحتجاج ، إنما هو في شيئية المعدوم بمعنى ثبوته في الخارج ، وأما أنه هل يطلق عليه لفظ الشيء حقيقة ، فبحث لغوي يرجع فيه إلى النقل والاستعمال. وقد وقع فيه اختلافات نظرا إلى الاستعمالات. فعندنا هو اسم للموجود لما نجده شائع الاستعمال في هذا المعنى ، ولا نزاع في استعماله في المعدوم مجازا كما في قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٦).
وقوله تعالى : (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) (٧).
__________________
(١) في (ب) فلا ثم وهو تحريف.
(٢) سقط من (ب) لفظ (حينئذ).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (بها).
(٤) في (ب) نظرنا إلى الغير أو لم ننظر.
(٥) سقط من (ج) لفظ (إلى).
(٦) سورة النحل آية رقم ٤٠ وقد جاءت هذه الآية محرفة في الأصل حيث ذكر «إنما أمرنا» بدلا من «إنما قولنا».
(٧) سورة مريم آية رقم ٩.