لا حجر على تصورات العقل
فقد يجمع بين متنافيين
(قال : وبالجملة : لا حجر في تصورات العقل (١) ، فله أن يعتبر النقيضين (٢) ، ويحكم بينهما بالتناقض (٣) ، ويعتبر عدم كل شيء حتى نفسه ، ويقسم الموجود إلى ثابت في الذهن ، وغير ثابت فيه ، وإلى ممكن التصور ، واللاممكن عدم التصور (٤) ويحكم بالتمايز بينها ، فيكون كل من اللاثابت ، واللاممكن التصور ، لا هوية له من حيث الذات ، مع أن له هوية من حيث الثبوت في العقل كالهوية واللاهوية (٥)).
فلا حجر زيادة تعميم لتصرفات العقل ، واعتباراته يعني أن له أن يعتبر النقيضين من المفردات كالموجود ، واللاموجود ، أو من القضايا ، مثل موجود ، وهذا ليس بموجود ، ويحكم بينهما بالتناقض بمعنى امتناع صدق المفردين على شيء واحد ، وامتناع صدق النقيضين في نفس الأمر ، فيكون النقيضان موجودين في العقل ، وإن كان أحدهما عبارة عما لا وجود له أصلا ، وله أن يعتبر عدم كل شيء حتى عدم نفسه ، مع أن تصور العقل عدمه يستدعي ثبوته ، فيكون هذا جمعا بين وجوده وعدمه ، لكن أحدهما بحسب الذات ، والآخر بحسب التصور ، وله أن يعتبر تقسيم الموجود إلى ثابت في الذهن ، وغير ثابت فيه ، فيكون اللاثابت في الذهن ، قسما (٦) للثابت فيه بحسب
__________________
(١) فيثبت غير الثابت باعتبار وينفي غير المنفي باعتبار آخر قال الشاعر :
عالم يزخر بالخلف ويغلي كالمراجل |
|
يقلب الباطل حقا ويرد الحق باطل. |
(٢) في المفردات : كالإنسان واللاانسان والموجود واللاموجود.
(٣) فيحكم على النقيضين المفردين بعدم اجتماعهما في محل واحد فلا يوجد شيء يتحقق فيه معنى الوجود وغير الوجود.
(٤) في (ج) بزيادة (عدم).
(٥) فيه فإنهما متنافيان فربما يغالط في تصور غير الثابت ذهنا وتصور غير ممكن التصور بادعاء وجود هذا التنافى مع أنه لا تنافي فيه لاختلاف الاعتبار.
(٦) في (ب) قسيما من (قسما).