فإن قيل : لا معنى للمأخوذ بشرط (لا) سوى ما يعتبره العقل كذلك.
قلنا : فحينئذ لا يمتنع وجوده في الخارج بأن يكون مقرونا بالعوارض والمشخصات ، ويعتبره العقل مجردا عن ذلك ، فصار الحاصل : أنه إن أريد بالمجرد ما لا يكون في نفسه مقرونا بشيء من العوارض مطلقا ، أو العوارض الخارجية امتنع وجوده في الخارج ، وفي الذهن جميعا ، وإن أريد ما يعتبره العقل كذلك ، جاز وجوده فيهما.
فإن قيل : فكيف يصح على الأول الحكم بامتناع الوجود في الذهن؟
قلنا : هي شبهة المجهول المطلق وقد سبقت.
ما نقل عن أفلاطون يفيد ظاهره وجود الماهية
(قال : وما نسب إلى أفلاطون (١) من المثل (٢) ، ليس قولا بوجود المجردة (٣) ، بل بوجود الأنواع في علم الله تعالى (٤). أو بأن لكل نوع جوهرا (٥) مجردا يدبر أمره بمنزلة النفس للبدن).
قد نقل عن أفلاطون. ما يشعر بوجود الماهية المجردة عن اللواحق. وهو أنه يوجد في الخارج لكل نوع ، فرد مجرد أزلي أبدي ، قابل للمتقابلات. أما التجرد وقبول المتقابلات ، فليصح كونه جزءا من الأشخاص المتصفة بالأوصاف المتقابلة.
وأما الأزلية والأبدية فلما سيأتي من أن كل مجرد أزلي ، وكل أزلي أبدي ،
__________________
(١) سبق أن ترجم له.
(٢) المثل المجردة حيث نقل عنه أنه قال : إن لكل نوع مثالا مجردا تشترك فيه الأفراد لا يعتريه الكون والفساد الذي يعتري الأشخاص التي تشترك فيه وتعتريه المتقابلات بواسطة الأشخاص المشتركة فيه.
(٣) المجردة في الخارج وهي التي أخذت بشرط لا شيء.
(٤) في علم الله تعالى أزلا وابدا بحيث لا يتبدل في علمه جل وعز.
(٥) في (أ) الكل وهو تحريف.