المبحث الثالث
الماهية بسيطة ومركبة
(قال : المبحث الثالث : الضرورة قاضية (١) بوجود الماهية المركبة (٢) فلا بد من انتهائها إلى البسيطة) (٣).
الماهية : إما بسيطة لا جزء لها أصلا كالواجب والنقطة والوحدة والوجود وإما مركبة لها أجزاء كالجسم والإنسان والسواد ، ووجود المركبة معلوم بالضرورة ، ويلزم منه وجود البسيطة ، إما مطلقا فلأن كل عدد ولو غير متناه ، فالواحد موجود فيه بالضرورة ، وإما في المركب العقلي ، فلأنه لو لم ينته إلى البسيط امتنع تعقل الماهية لامتناع إحاطة العقل بما لا يتناهى ، وكلاهما ضعيف.
أما الأول : فلأنه مغالطة (٤) من باب اشتباه المعروض بالعارض ، فإن وجود الواحد بمعنى ما لا جزء له أصلا ، إنما يلزم في العدد الذي هو العارض وإما في معروض العدد فلا يلزم إلا معروض الواحد ، الذي هو أحد أجزائه ، فعلى
__________________
(١) الضرورة العقلية ، قاضية أي حاكمة.
(٢) الماهية المركبة هي التي تلتئم من عدة أمور أو من أمرين.
(٣) البسيطة : التي تكون جزء لتلك المركبة وذلك أن كل مركب من أجزاء عقليا كان التركيب أو خارجيا ففيه عدد والعدد لا بد أن ينتهي في قسمته إلى واحد وهو لا يقبل القسمة ، وما لا يقبل القسمة بسيط.
(٤) في (أ) مغلطة وهو تحريف. والمغالطة : أي السفسطة والفرق بين الغلط والمغالطة في الاستدلال أن المغالطة تتضمن معنى التمويه على الخصم على حين أن الغلط لا يتضمن ذلك.
وإذا وقع الغلط في الاستدلال : سمي ذلك استدلالا زائفا أو كاذبا.