فإن قيل : إن أريد عدم الاحتياج أصلا فباطل ، لأن احتياج الهيئة (١) الاجتماعية إلى الأجزاء المادية لازم قطعا ، وإن أريد الاحتياج فيما بين الأجزاء المادية ، فذلك ليس بلازم في المركب الحقيقي أيضا ، كالبسائط العنصرية للمركبات المعدنية مثلا.
قلنا : المراد الأول ، والصورة الاجتماعية في المركبات الاعتبارية محض اعتبار العقل ، لا تحقق لها (٢) في الخارج ، إذ ليس من العسكر في الخارج إلا تلك الأفراد ، بخلاف المركبات الحقيقية ، فإن هناك صورا تفيض على المواد في نفس الأمر ، وستعرفها. وأما في مثل الترياق والسكنجبين فهل يحدث صورة جوهرية هي مبدأ الآثار ، أو هو مجرد المزاج المخصوص الذي هو من قبيل الأعراض ، وأن يكون (٣) التركيب الحقيقي ، هل يكون من الجوهر والعرض ففيه تردد.
تقسيم أجزاء المركب إلى متداخلة ومتباينة
(قال : والأجزاء (٤) قد تتداخل (٥) بأن يكون بينها تصادق بالمساواة (٦) ، أو العموم مطلقا ، أو من وجه ، وقد تتباين متماثلة أو متخالفة ، وجودية (٧) أو عدمية (٨) ، أو مختلطة (٩) أو حقيقية (١٠) ، أو إضافية أو ممتزجة).
أجزاء المركب تنقسم إل متداخلة ومتباينة أما المتداخلة ، فهي التي يكون
__________________
(١) الهيئة أحد أقسام الحكمة الرياضية ، ويعرف فيه حال أجزاء العالم في أشكالها وأوضاع بعضها عند بعض ومقاديرها وأبعاد ما بينها ويشتمل عليه كتاب المجسطي.
(راجع رسالة ابن سينا في أقسام العلوم العقلية ص ١١١. ١١٢).
(٢) في (ب) له بدلا من (لها).
(٣) سقط من (أ) كلمة (يكون).
(٤) الأجزاء المعتبرة للماهية حقيقة بأن كانت طبيعية واحدة جنسية أو نوعية.
(٥) تداخلها بتصادقها في الجملة وتصادقها على ثلاثة أوجه إما أن يكون بالتلازم عن الطرفين بمعنى أن كل ما صدق عليه بعضها صدق عليه البعض الآخر.
(٦) بحيث متى صدق أحدهما مثلا صدق الآخر ، ومتى انتفى الآخر.
(٧) وجودية : كالنفس والبدن للإنسان المركب منهما.
(٨) كسلب ضرورة الوجود وسلب ضرورة العدم.
(٩) أي بعضها وجودي وبعضها عدمي.
(١٠) في (ج) وحقيقية بدلا من (أو).