بينها تصادق في الجملة ، إما على الوجه الكلي من الجانبين ، بأن يصدق كل من الجزءين على كل ما يصدق عليه الآخر ، فيكونان متساويين كالمركب من المغتذي والنامي ، أو من جانب واحد بأن يصدق أحدهما على كل ما يصدق عليه الآخر ، من غير عكس ، فيكون بينهما عموم وخصوص مطلق ، كالمركب من الحيوان والناطق. وإما لا على الوجه الكلي بأن يصدق كل منهما على بعض ما يصدق عليه الآخر ، فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه كالمركب من الحيوان والأبيض ، وأما المتباينة ، فإما متماثلة كما في العشرة من الآحاد ، وإما متخالفة محسوسة ، كما في البلقية من السواد والبياض ، أو معقولة كما في الجسم من الهيولي والصورة ، أو مختلفة كما في الإنسان من البدن المحسوس ، والنفس المعقولة. وقد تقسم المتخالفة إلى ما تكون للشيء مع ما عرض له من الإضافة إلى الفاعل ، كالعطاء لفائدة من المعطي ، أو إلى القابل كالفطوسة (١) لتقعير في الأنف ، أو إلى الصورة كالأفطس الأنف فيه تقعير ، أو إلى الغاية كالخاتم لحلقة يتزين بها الأصبع ، وإلى ما يكون للشيء مع إضافة إلى المعلول ، كالخالق والرازق (٢) ، وإلى ما لا يكون فيما بين العلة والمعلول وهو ظاهر ، وباعتبار آخر : الأجزاء إما وجودية كالنفس والبدن للإنسان أو عدمية كسلب ضرورة الوجود والعدم للإمكان ، أو مختلطة من الوجودي والعدمي كالسابقية ، وعدم المسبوقية للأولية ، وأيضا إما حقيقة كما في الإنسان من النفس والبدن ، أو إضافية كما في الأقرب من القرب. وزيادته ، أو ممتزجة بعضها حقيقي ، وبعضها إضافي كما في السرير من الأجزاء الخشبية ، والترتيب النسبي (٣).
__________________
(١) الفطس : بفتحتين تطامن قصبة الأنف وانتشارها وبابه طرب فهو (أفطس) والاسم (الفطسة) بفتحتين لأنه كالعاهة. وفطس مات وبابه جلس.
(٢) المتصفح لكتاب المواقف يجد الكثير من العبارات والألفاظ بنصها وفصها وكأنها منقولة نقلا كاملا.
(راجع في ذلك المواقف ج ٣ ص ٢٧ بعدها).
(٣) النسبي مقابل للمطلق ، والنسبي هو المتعلق بغيره من حيث هو غيره أو هو المنسوب إلى المدرك من حيث هو مدرك أو هو ما تتألف منه العلاقات أو يتألف منها.