الخامس : أن الإمكان لو كان موجودا لزم قيامه بالمعدوم ، أو بغير ما هو موصوف بالإمكان ، واللازم ضروري البطلان ، وجه اللزوم ان إمكان الشيء من أوصافه الذاتية ، ولا بد للوصف من محل يقوم به ، فقبل وجود الممكن يكون قيامه ، إما بالممكن المعدوم وهو الأمر الأول أو بغيره وهو الثاني.
والجواب : أن الوصف الذاتي ما يكون مقتضى الذات ، ولا يلزم من كونها موجودة أن يوجد قبل الذات.
السادس : أن الإمكان نسبة بين الممكن ووجوده ، فيكون متأخرا عنهما ، فقبل تحققه يكون الممكن إما واجبا أو ممتنعا ، وبعده يصير ممكنا وهو معنى الانقلاب.
فإن قيل : فعلى تقدير كونه اعتباريا أيضا يكون متأخرا ، ويلزم المحال.
قلنا : إذا لم يكن له تحقق في الخارج لم يكن بينه وبين الماهية تقدم وتأخر ، إلا بحسب العقل. بمعنى : أنه إذا لاحظ العقل الماهية والوجود والنسبة بينهما ، حصل له معقول عارض للماهية ، هو الإمكان ، من غير لزوم انقلاب ، لأن الماهية دائما بهذه الحيثية.
احتجاج المخالف في نفي عدمية الوجوب والإمكان
(قال : احتج المخالف بأن الوجوب والإمكان لو كانا عدميين ، لزم محالات (١) أحدهما كون العدم مؤكدا للوجود (٢) ، ومقتضيا لثباته ، ضرورة أن الوجوب كذلك (٣).
قلنا : اعتبار عقلي لا عدم محض.
__________________
(١) على رأيه لزم محالات أربعة.
(٢) أي لو كان الوجوب عدميا لزم كونه نقيضا للوجود.
(٣) لأنه يؤكده ويقتضيه حيث يقال مثلا له وجود واجب وهو واجب الوجود.