يتأتى (١) منه النظر والاستدلال ، ثم اختلاف البعض في نفس الحكم أو في بداهته ، والتفاوت بينه ، وبين قولنا الواحد نصف الاثنين لا ينافي البداهة على ما سبق ، وأما ما ذهب إليه الكثيرون. من أن الله تعالى خلق العالم في وقت دون سائر الأوقات من غير مرجح ، وخصص أفعال المكلفين بأحكام مخصوصة من غير أن يكون فيها ما يقتضي ذلك ، وأن قدرة القادر قد تتعلق بالفعل أو الترك من غير مرجح ، فليس من ترجح الممكن بلا مرجح ، بل من ترجح المختار أحد المتساويين من غير مرجح ، ونحن لا نقول بامتناعه فضلا عن أن يكون ضروريا ، وإلى هذا يستند عندنا اختلاف حركات الكواكب ، ومواضعها ، وأوضاعها.
وأما الفلاسفة القائلون بالإيجاب دون الاختيار ، فلا يلتزمون وقوع تلك الاختلافات والاختصاصات بلا سبب ، بل يعترفون باستنادها إلى أسباب فاعلية ، لا اطلاع على تفاصيلها. ففي الجملة لم يقل أحد ممن يعتد به بوقوع الممكن بلا سبب.
الاستدلال على احتياج الممكن إلى المؤثر
(قال : والاستدلال (٢) بأن وقوع أحدهما (٣) بلا سبب يقتضي رجحانه (٤) فينافي التساوي ، وبأنه لا بد من مرجح قبل الوجود (٥) ، وهو وجودي يقوم (٦) بالمؤثر ضرورة تأخر الأثر ضعيف).
القائلون بأن الحكم بامتناع الترجح بلا مرجح كسبي ، استدلوا عليه بوجهين :
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (لا).
(٢) الاستدلال عليه بناء على أنه نظري
(٣) أي أحد الطرفين من وجود وعدم.
(٤) أي رجحان ذلك الواقع.
(٥) إذ حكم العقل هو أنه ترجح فوجد لا أنه وجد فترجح ، وإذا كان الترجيح لا بد أن يسبق وجود الممكن والترجح أمر حادث وإلا لزم قدم الممكن.
(٦) يقوم لا محالة بمحل لأنه وصف وجودي.