فالأولى منع كونه أمرا محققا مفتقرا إلى ما يقوم به في الخارج ، بل هو أمر عقلي قائم بالمتصور من الممكن عند الحكم بحدوثه.
شبه المنكرين على عدم الاحتياج
(قال : ومن أقوى شبه المنكرين (١) أن التأخير حال الوجود (٢) ، إيجاد للموجود (٣) ، وحال العدم جمع بين النقيضين ، وأن الضرورة قاضية بوقع الترجيح بلا مرجح في مثل الهارب من السبع ، يسلك أحد الطريقين ، والعطشان يشرب أحد الماءين مع التساوي ، وأن العدم نفي محض لا يصلح أثرا.
والجواب عن الأول : أن المحال إيجاد الموجود ، بوجود حاصل ، بغير هذا الإيجاد ، وهو غير لازم ، غايته أن الوجود يقارن الإيجاد بالزمان ، وهو لا ينافي التأخر بالذات.
وعن الثاني : أن اللازم على تقدير التسليم ترجيح المختار أحد المتساويين ، بلا مخصص لا الترجح بلا سبب.
فإن قيل : هذا الاختيار والترجيح وقع بلا سبب.
قلنا : ممنوع ، بل الإرادة التي من شأنها الترجيح والتخصيص.
وعن الثالث : أنه عدم مضاف مستند إلى عدم العلة. بمعنى أن العقل يحكم بأنه عدم لعدم علته ، وأما التمسك بأن العلية لكونها نقيض اللاعلية ثبوتية. وكذا موصوفها ، وبأن التأثير إما في الماهية ، أو الوجود ، أو الموصوفية ، والكل باطل (٤) لما سبق ، وبأنه لو وجدت المؤثر به أو الحاجة تسلسلت فضعفه ظاهر).
__________________
(١) الزاعمين أن هذا العالم المتقن بسماواته وأرضه وبعالميه إنما وقع اتفاقيا بلا حكيم متقن.
(٢) أي في حال وجود الممكن.
(٣) إيجاد الموجود تحصيل الحاصل وهو باطل ضرورة.
(٤) في (ج) بط وهو تحريف.