المبحث السادس
في موجب احتياج الممكن إلى المؤثر
(قال : المبحث السادس : العقل بحكم الاحتياج (١) بمجرد ملاحظة كون الذات (٢) غير مقتضية للوجود والعدم (٣) ، فيكون المحوج هو الإمكان. الحدوث مستقلا (٤) أو شرطا أو شطرا (٥) كيف. والحدوث صفة للوجود المتأخر عن التأثر المتأخر عن الاحتياج؟
وكثير من المتكلمين عكسوا الدعوى ، والدليل (٦) والابطال. فقالوا : العقل يحكم بالاحتياج بمجرد ملاحظة أن الشيء لم يكن فكان ، فيكون المحوج هو الحدوث لا الإمكان (٧) ، كيف (٨) وهو كيفية نسبة الماهية إلى الوجود المتأخر عن الاحتياج.
الجواب : بأنا لا نعني أن الإمكان يتحقق فيوجب احتياجا ، بل إن العقل يلاحظ الإمكان فيحكم بالاحتياج (٩) ، كما يقال علة الاحتياج إلى الخير هو
__________________
(١) أي باحتياج وجوده إلى المؤثر.
(٢) أي ذات الشيء المحكوم عليها بالاحتياج غير مقتضيه للوجود.
(٣) وذلك بأن يدرك بأن تلك الذات الملحوظة تقبل كلا منهما بدلا عن الآخر كون الشيء لا يقتضي الوجود لذاته ولا العدم لذاته بل يقبل كلا منهما معنى الامكان.
(٤) بمعنى أن موجب الحاجة ليس هو الحدوث مستقلا كما قيل إن مجرد إدراك أن الشيء ربما حدث يوجب إدراك أنه لا بد من محدث.
(٥) أي جزء من الموجب.
(٦) سقط من (أ) و (ب) (الدليل).
(٧) ولا يصح أن يكون الإمكان هو المحوج وحده ولا معنيا في المحوج.
(٨) وكيف يصح أن يكون الإمكان هو المحوج.
(٩) إلى المؤثر وملاحظة المتأخر ليستدل به على المتقدم صحيحة فيعود المتقدم متأخرا.